ثلاث سنوات من الجدل الوطني مع "أبو جون"
افتتاحية عمون
29-08-2019 03:14 AM
منذ ثلاث سنوات تقريباً طلب منا أحد الأصدقاء إضافة شخص لجروب "واتس آب" عمون، المتخصص في أخبار موقع عمون؛ واليوم تتعدى المجموعة هذا الدور، حيث باتت مساحة مهمة للنقاش الفكري والأدبي والنقدي لكثير من قضايا الوطن.
وبالفعل قمنا بإضافة الشخص موضوع الحديث بعد السؤال عن اسمه، حيث أخبرني صديقي أنه شخصية وطنية بعمر الثمانين واسمه "أبو جون"، مهتم ومتابع لقضايا الوطن، منحاز للأردن وسمعته وصورته الخارجية، وناقد محترف لكل المظاهر السلبية في السياسة والاقتصاد والإعلام، ومحب للجميع.
لا يمكن أن ننكر أن شخصية أبو جون أضفت طابعاً خاصاً للنقاش في جروب عمون، وكان هناك مبادرات رائعة منه، امتد أثرها خارج المجموعة، وفي نفس الوقت، ساهمت صراحته الشديدة وتعليقاته اللاذعة إلى الابتعاد عنه أو تجنب النقاش معه، ولكنه في أغلب الأحيان والمواقف منصف لا يتعدى على أحد.
عندما أرى أن هناك ما يزيد عن 500 تنبيه من المجموعة أدرك أن أبو جون دخل للمشاركة والتعليق، فهو يستفز الجميع بإيجابية للحديث والحوار وإبداء الرأي والنقد.
خلال الثلاث سنوات الماضية مرت أحداث كثيرة على الوطن وعلى الجروب، وكان أبو جون حاضراً في معظمها، حيث يعتبره البعض أنه من عائلته كعم أو جد أو أخ كبير، بينما يعتبره آخرون شخصية متسلطة لا تعرف اتيكيت الحديث المنمق، وهنا لا بد من الحديث عن هذه النقطة؛ حيث أنها شكلت نقطة فارقة في دراستي لأبو جون، إذ أن المتابعة الطويلة لمشاركات الأفراد في الجروب، تبين أن الأغلب يتقبلون النقد الإيجابي والسلبي، ولكن هناك من يريد فرض أفكاره جبراً على أعضاء الجروب، لأسباب كثيرة، ولا يستطيع أحد أن يناقش هذه الفئة، لأن النقاش معهم يحتاج لجهد ووقت وقوة في المواجهة، هنا يتدخل صاحب الثمانين عاماً بقوته وطريقته في النقاش والنقد، فهو لا يقبل استغلال الأحداث وتجييرها لمصالح فئوية أو شخصية، أو بحثاً عن مناصب، ولا يتقبل أيضاً انتقاد المؤسسات الأردنية زوراً وبهتاناً، ولا المساس بدور الأردن والاستخفاف به، كما أنه مدافع شرس عن الثوابت الأردنية. وهو ممن يدعمون فكرة إعطاء الفرصة للحكومة ومسؤوليها ومحاسبتها فيما بعد، وكثيراً ما يقف ضد التخوين والاساءة دون دليل، بهدف اغتيال الشخصية.
هو من الناس القلة الذين يقرؤون بين السطور ويستخرجون الرسائل الخفية، محاولاً الوقوف في وجه من يريد التلاعب بالرأي العام، وأغلب من ناقشهم أبو جون أحرجهم من خلال طرحهم، وأخذ الحجة من لسانهم. بالنسبة لي هو حالة مميزة تستحق الدراسة والتأمل، وشخصية وطنية تستند في طروحاتها على فهم متجذر لما يحدث في البلد.
لدية شبه اعتقاد أن المجتمع شريك ومسؤول في كل ما يحدث، وإذا كأنه لديه رغبة حقيقية في محاربة الفقر والفساد والتغول الحكومي كما يدعي الشارع، عليه أن يقف مع نفسه وقفة صادقة عند الانتخابات البرلمانية، لكي يفرزوا أشخاصا قادرين على تمثيل وحماية مصالح هذا البلد، الذي يعاني بسبب الاختيارات والسلوكيات المحكومة بالمحاصصة والقبلية السلبية، فالقرار بيد الشعب.
أبو جون قليل الظهور، عابر للجغرافيا والدين في تفكيره، وقلبه معلق بتراب الأردن، وعادة ما يفرق بين الجدل والجدال لأن الفارق بينهما كبير.
في مثل هذا الظرف الذي يمر به الأردن، أتساءل كم نحتاج لشخصيات في مواقع القرار مثل أبو جون في غيرته على الوطن ومؤسساته وتفكيره النابع من الخوف على المصلحة العامة، علماً بأنه زاهد بأي منصب ولا يريد إلا الخير للوطن.