اليمين التقليدي المحافظ في أمريكا والغرب هم أكثر من روج لنظرية تراجع ونهاية العولمة، وقد اطلق مبشرو اليمين الغربي بافكارهم من مطلع الالفية الثالثة، وتحديدا بعد 11 سبتمبر.
نهاية العولمة من الاصطلاحات الحديثة التي يروج استعمالها في السياسة والصحافة وادبيات الاقتصاد السياسي في امريكا. ولربما أن الصدام التجاري الامريكي -الصيني، ومدى انسحابه على التجارة العالمية واوضاع الشركات الكبرى، هو الصورة الجلية لفكفكة العولمة ونظامها العالمي على كل المستويات الاقتصادية والتجارية والثقافية والفكرية .
العولمة المعاصرة جذرها وأساسها رأسمالي، حركة رأسمال الصناعي والتكنولوجي، وكيف تبدأ من أصغر سلعة الى أكبرها وأعقدها من شاشة الايفون الى صناعة البواخر والطائرات والصناعات الثقيلة. تتصفح امازون لا تعرف من أين تصنع تلك المنتجات على اختلافها، ولأي بلد تنتمي جغرافيا ووطنيا.
استبدال القطبية في النظام العالمي يعني تفكيك العولمة. بمعنى ان العالم لا يتحكم به قطب واحد. في العقود الاخيرة ولدت منظومات اقتصادية وسياسية. أي ان هناك منافسين للاحادية الامريكية، هناك منافس لايفون الامريكي وجوجل وابل، اسيا التفت من حول القطب الصيني لينشأ منظومة صينية بسلع وبرامج ومنتج مختلف ومغاير ومنافس للامريكي.
العالم مقسوم الان بين قطبين أمريكي واوروبي وصيني. روسيا ليست لاعبا ومنتجا لمنظومة اقتصادية ، هناك فراغ على الجغرافيا الكونية يمتد من الشرق الاوسط وشمال افريقيا ووسط اسيا وهي العامود الفقري للعالم القديم.
في الغرب علت اصوات لمفكرين تحذر من صعود الصين وبما يشكل خطرا على الديمقراطية الليبرالية الغربية، وما يدخل في زوايا الصراع الايدولوجي.
في التاريخ الانساني العولمة لم تنقطع، فوجود العولمة من عدمها ليس موضع الجدال. فالتاريخ محمل دائما بحركات العولمة. ولكن السؤال عن الايدلوجيا التي تحملها العولمة، فما بعد تفكك العولمة الراسمالية الليبرالية الغربية وولدت رأسماليات وطنية في اسيا ودول الجنوب تواجهها وتحد من تمددها العولمي.
و لربما السؤال العارض في ظل إعادة بناء توازنات القوى في العالم الجديد، وضمان نظام عالمي جديد لم تعد واشنطن مركزه المطلق، وولادة رأسماليات وشركات وسلاسل انتاج جديدة، ولربما ما زالت غير محملة بفكر ايدولوجي عابر للوطنية وفوق الوطنية كـ»الحالة الصينية « مثلا.
العولمة كيان سياسي. العالم مسطح ومفتوح وافقي، والعالم تابع الى المركز الاحادي الامريكي. والعولمة الامريكية انتجت قوانين تجارية عالمية غير عادلة، وتخدم القطبية الامريكية، ولم تحمل تساويا في الانتاج والتصنيع وحركة التبادل التجاري، وحركة قوى العمل ايضا.
ما انتجته العولمة الامريكية استعمار جديد وتبعيات واستغلال وهيمنة على ثروات دول كثيرة في الجنوب والاطراف. وقد انتج ايضا على مدى العقود الماضية مرتعا لاشكال من حروب وصراعات ونزاعات اهلية فوضوية دبت في دول الشرق الاوسط ومناطق أخرى من الشق الجنوبي من الكرة الارضية.
الدستور