الخروج من النفق:الثقافة وسجال الدعم
د.مهند مبيضين
22-05-2007 03:00 AM
السجال الذي دار بين الهيئات الثقافية في الكرك(منتدى الكرك الثقافي وجماعة درب الحضارات ومنتدى مؤتة المشهد) ووزارة الثقافة حول دعم فعالية الملاحق الثقافية في الاردن والتي اقيمت في الكرك قبل اسبوع ونيف، وشارك فيها نخبة من مثقفي الاردن وتناولها زملاء كتاب بالمدح والتثمين يكشف عن ازمة كبيرة وحالة تستدعي الوقوف بوجه كل من يحاول اغتيال حلم الافراد والمؤسسات الطيبة او من يريد بخس الناس اشيائم " ولا تبخسوا الناس اشيائهم"(سورة الشعراء/183) فكيف بحال العباد على العباد؟؟. قبل شهر تقريبا كتبنا عن حالة الثقافة في الاردن أنا والزميل سامح محاريق الذي قيل اني زججت باسمه معي في المقالة التي نشرها موقع عمون، واصابنا شيء من الاتهام بأن وزير الثقافة- أي وزير وليس شرط الحالي- لم يلب لنا مطلب او يضيف بؤسا من جانبنا إلى بؤس النشر الوزاري، او ربما لم يصطحبنا أو يرسلنا كمثقفين في مهمة محسومة إلى عاصمة عربية، كما هو الحال بالوفد الفذ الذي اختير ليعبر عن مثقفي الاردن في اسبوع الثقافة الاردنية في الجزائر، كل ذلك الاتهام مشروع من قبل متكسبي الوزارة، وكل ذلك النقد مباح ما دمنا لا نتقدم بالبديل ونكتفي بالنقد، لكني اعد معالي الوزير وكل من هو مسؤول في كل مؤسسات الثقافة وبخاصة أمانة عمان التي فاضت بالبؤس ودخلت جحر الضب بأن العمل بدأ لانجاز وثيقة اصلاح ثقافي تسير بموازاة ما يريد جلالة الملك للثقافة الاردنية، وثيقة تقدم كافة اشكال الفساد وترصد النجاحات وتعترف فيما لوكان لهذا المسؤول انجاز، وتوضح للمثقفين من الذي سرق السؤال الثقافي وصادره، انطلاقا من مسؤوليتنا جميعا بالارتقاء نحو فهم اعمق لرسالة الاردن الحضارية.
تكرم معالي الوزير بمبادرة السؤال بعد ان كان غائبا في منتدى دافوس وغيابه واجب ومشروع، وحين استفزت قيمة الدعم التي قررت اول الامر وقدرها 250 دينار الاخوة منظمي الندوة في الكرك وحالوا الاتصال بمن ينوب عن الوزير لم يجبهم احد وربما تواصل معهم مدير مكتب الوزير، الذي لا يعنيه مثل هذا الامر في توصيف مهامه المتعارف عليها، وتصاعدت الاصوات غضبا في الكرك على تسعيرة الوزارة لدعم هذا النشاط، واشتط المنظمون لهذا الاستخفاف بجهدهم، ثم جاء تصريح الوزير صبحة يوم الثلاثاء 22/2 ليبين ان الدعم قدر اول مرة بـ250 دينار وذلك استنادا إلى عدد الملاحق الثقافية، وأن الوزارة لم تبلغ بالتفاصيل، وان مجمل الحديث دار شفويا بين الجهتين.
وفي الخبر على صدر جريدة الدستور:" ..واضاف الطويسي: نحن نعلم كم عدد الملاحق الثقافية التي تصدرها الصحف اليومية الاردنية، ولذلك قدرنا المبلغ بـ (250 دينارا) على اعتبار ان الندوة سيحضرها ما بين عشرة وخمسة عشر شخصا، حيث ان الكتاب الذي وصل للوزارة يطلب الدعم "حسب ما ترونه مناسبا" ، ولم يشرح لنا عدد المدعوين، وفي ظل غياب اي معلومات تفصيلية عن الندوة قدمنا الدعم الاولي، وعندما وضعنا في تفاصيل الندوة "بعد انتهائها" حسب ما أُخبرنا به "هاتفيا وليس مكتوبا" بأن عدد المشاركين وصل لـ (70 شخصا) رفعنا الدعم الى (800 دينار اردني) وهذا ما نستطيعه حسب ميزانية الوزارة..."
إذا هناك دعم قرر بدون تفاصيل، وحالما تأتي التفاصيل ترتفع بورصة الدعم، هذه قمة في الأداء المؤسسي والشفافية!!!.
اعلم ان معالي الوزير اتصل بالاطراف بعد علمه بالمشكلة ومبادرة الاتصال تشكر وهي واجبة على الكبار حين يخطئ الصغار في تقدير منجز الآخرين.
حدث كل ذلك، والسؤال. متى قرر الدعم وما هي قيمته الحقيقية، فإذا كان لاحقا للنشاط فهذه مصيبة، بمعنى أن هناك حالة تسيب ترقى إلى مستوى انعدام الخبرة في تقدير الدعم المالي، وربما يكون في ذلك نوع من مصطلحات ديوان المحاسبة، واذا قدر الدعم وتمت الموافقة عليه دون مشروع واضح التفاصيل- وهذا لوم يطال الجهات المنظمة للفعالية وليس الوازرة- فتلك مصيبة اكبر.
ثم السؤال هل الدعم بالعدد والكثرة أم النوعية، اعتقد ان معالي وزير الثقافة وأمينه يعلموا ان الورقة العلمية عندما تقدم لفعالية ثقافية بصيغة علمية هو تجويد لها ورفع من مستواها وبالتالي يصرف لها وقت من جهة معدها واجور طباعة ...الخ، وبالتالي في اي وزارة ثقافة تحترم مبدعي بلدها لابد من مكافأة مالية على اعداد الورقة بمعنى أن الثلاث ورقات للدكتور باسم طويسي ود محمد عبيدالله والشاعر موفق ملكاوي والتي حرصت الجهات المنظمة على تقديمها حتى لا يكون انتدائهم مضيعة للوقت، تساوي بنظري وبنظر أي شخص يعمل في سوق الثقافة مبلغ 450 دينار على الأقل للأورافق مجتمعة في ادنى التقديرات، ثم لماذا تدعم لجنة ملتقى عمان الثقافي والمشاركين فيه ولا يدعم المشاركون في مائدة مستديرة مثل مائدة الكرك، رغم أن ما قيل وعرض بها اهم بكثيرم مما اتحفنا به المشاركون في الملتقى الذي عقد قبل شهر. وللعلم يصرف للجنته والمشاركين فيه مبالغ ليست مجزية لكن ما يصرف لعضو اللجنة ربما يوازي اكثر من نصف ما قرر ابتداءا لندوة الكرك.
انا شخصيا شاركت في ملتقى السنة الماضية وكان هناك مغلف جميل فيه مال وقبضنا المال انا وغيري -يعني الوازرة خيرها سابق- لكن المؤسف للآن ان احدا لم يتصل يسأل عن الورقة التي قدمت لذاك الملتقى ولم نخبر اذا كان هناك تعديلات عليها لنشرها، او ما إذا نشرت او هناك نية للنشر. هكذا كل شيئ يغيب بعد قص اشرطة الافتتاح.
لكن ما حدث في الكرك وما توالى عليه الامر، يعيد السؤال من هو الذي يسير عمل هذه المؤسسة، ومن اعطاه الحق بتقدير جهود الاخرين؟. إذا كان هناك عدالة علينا ان نصمت. لكن، كيف يمكن رفع كفاية عمل الوزارة؟.
نقول لها بملئ الفم اين ذهبت عشرة ملايين دينار تبرع بها جلالة الملك وما هي المشاريع قدمت للصرف؟ وفي اي جهة ستصرف الموازنة التي ضوعفت؟ وعند التعامل بقليل من الاحترام مع مثفقي الكرك ومنجزهم هم وغيرهم من الاردنيين من حقنا ان نسأل لماذا تدفع الوزارة مبلغ 3000 دينار لشراء حقوق عمل ادبي لاحد القاصات او الروائيات او المبدعات، ثم يجري العمل لمسرحة الرواية، كي تؤهل مسقبلا للفوز بجائز الملك عبدالله الثاني للإيداع في العام المقبل، هذا نبش مسبق، ساعود اليه.
آتي إلى مليون دينار خصص لاربد، وحتى لوكان للكرك نسأل ايضا اذا وقع الخطأ. فبأي صورة كانت معايير اختيار العاصمة الثقافية التي تحولت إلى مزرعة؟ لقد كان هناك رأي من مخلصين على نجاح عاصمة الثقافة اربد بأن يكون رئيس لجنة اربد من خارجها لضمان الحيادية وعدم الانحياز.
وأسأل هنا هل من حق منسق او مسؤول اعلامي او مختار ثقافي او صحفي هو جزء من عملية مؤسسية ثقافية ان يتقدم بنشاط ويقرر هو وصديقه او زميله من الذي يستحق او لا يستحق، ويتم الاتصال مع المنافسين لدمج العمل بين المنسق ومن يمثله مع منافسيه. اعتقد ان هذا عمل يتطلب تدخل معالي الوزير .
نحن قادرون على بث النصح واعطاء الرأي وممارسة النقد. والوزير عليه احتمال النقد، نعترف له بما انجز، لكن على وزارته تصويب امرها. وعلى كل مثقف غيور ان يسأل ما الذي ادخلنا هذا النفق.
أهي سلبيتنا كمثقفين؟ أم انعدام في القدرات؟ أم رغبتنا بالنقد دون اعطاء البديل، ام استقواء لهذا على ذاك؟ أم احادية من جانب الوزارة ومحاباة لهذا على ذاك، ام شلل المغلفات والمكافأت والسفرات.
الوزير يعمل، والوازرة باتت عاجزة، والامانة ادخلتنا نفق العطايا- ربما تكون عطايا غير مباشرة - فما معنى ان يطلب مني مدير الدائرة الثقافية قبل عام – شفويا- كتابا لينشره على نفقة الامانة وكان الشرط خلال شهر مطلوب مني انجاز كتاب، صفنت وتعجبت، كتاب خلال شهر!! قلت للسيد المسؤول خيرا، كان معي مفلح عدوان وابراهيم غرايبة -يعني فيه شهود- هذا ما حدث!! وكانت النتجية اني لم ادخل منذ ذاك الوقت مبنى الدائرة الثقافية. ويا رب أعن.
Mohannad974@yahoo.com