وسط هذه المخاطر يسكن الأردن
فهد الخيطان
27-08-2019 12:44 AM
وسط هذا الانهماك في تفاصيل الشأن الداخلي،علينا أن نبقي أعيننا مفتوحة على الأوضاع المتوترة من حولنا وما يمكن أن تحمله التطورات من تداعيات خطيرة.
الأولويات الداخلية مهمة للغاية ولايجب إهمالها،ونجاحنا في مسك المشهد الداخلي على المستويين الاقتصادي والأمني،سيقرر إلى حد بعيد قدرتنا على مواجهة احتمالات الحرب المفتوحة في المنطقة.
نعم الحرب؛فقد قررت إسرائيل وبدعم أميركي صريح توسيع دائرة الاستهداف والمواجهة مع إيران لتشمل كل الساحات تقريبا. بعد سلسلة لاتنقطع من الضربات المتتالية في سورية،اختبرت القيادة الإسرائيلية قدرات حزب الله من خلال طائرات مسيرة”درونز” سقطت فوق بيروت.
التطور الأهم الضربات التي وجهتها إسرائيل لوحدات من الحشد الشعبي في عمق العراق،في خطوة غير مسبوقة منذ عدوانها على المفاعل النووي العراقي مطلع ثمانينيات القرن الماضي.
الرسائل التي تحملها الاعتداءات الثلاثة واضحة، ومفادها أن إسرائيل مستعدة لمواجهة عسكرية مع إيران في المنطقة مهما كلف الأمر. وفي ظل الدعم الأميركي المطلق ثمة شعور إسرائيلي بالثقة الزائدة، يدفعها أكثر للمغامرة.
جبهة الشمال مع حزب الله تشهد تسخينا واضحا. رسائل زعيم الحزب حسن نصرالله تأخذها القيادة العسكرية في إسرائيل على محمل الجد،وقد استعدت لمواجهة محتملة بإعلانها عن تطوير قدراتها الصاروخية، في وقت كشفت فيه طهران عن منظومة صاروخية جديدة بالاعتماد على قدراتها الذاتية.
إيران تواجه حصارا اقتصاديا مشددا من واشنطن،يلقي مزيدا من الأعباء على اقتصادها المثقل أصلا بالعقوبات الأميركية،إلى جانب استحقاقات المواجهة الإقليمية المفتوحة في اليمن والخليج العربي.
لن تقف إيران مكتوفة الأيدي حيال هذه الوضعية الصعبة،دول الاتحاد الأوروبي غير قادرة على فك الحصار،ومصالح الدولة الإيرانية في الإقليم على المحك،وهاهي إسرائيل تنقل ساحة المعركة معها إلى جوارها العراقي، بما لا يترك مجالا لعدم الرد.
في خضم حالة التوتر هذه، تعيد التنظيمات الإرهابية في سورية والعراق ترتيب صفوفها في محاولة لاستغلال الفوضى القائمة. وفي الجنوب السوري يسجل نشاط ملحوظ لمختلف المليشيات المحسوبة على أطراف الصراع،في الوقت الذي يمكن أن يتحول معه التدخل العسكري التركي في الشمال السوري إلى ساحة مواجهة في أي لحظة.
وفي نظر إسرائيل كل انتصار يحققه الجيش السوري في مناطق المواجهة،خاصة إدلب حاليا يصب في حساب الحليف الإيراني وحزب الله،ولهذا السبب ستحاول إبقاء سورية في حالة الفوضى أطول وقت ممكن،لإضعاف قدرة إيران على التمركز والنشاط ضدها.
وفي غمرة المواجهات العسكرية المركبة على الجبهات كافة، تنوي إدارة ترامب كما صرح بالأمس طرح خطتها للسلام في الشرق الأوسط قبل الانتخابات الإسرائيلية منتصف الشهر المقبل،أي أننا على أبواب استحقاق سياسي بالغ الخطورة، لانعلم بعد الكيفية التي ستدير فيها إدارة البيت الأبيض معركتها مع الحلفاء المتضررين أكثر من غيرهم من أفكار كوشنر للتسوية التاريخية المزعومة.
وسط هذه الفوضى والمخاطر والتحديات يسكن الأردن، وفي القلب منها يقارب مصالحه ليخرج بأقل الخسائر. لكن الحرب إن وقعت فستضرب كل المعادلات وتفرض واقعا معقدا يزيد من مخاطره نهج سياسي أميركي لم يعد يبالي كثيرا بمصالح الحلفاء.
الغد