في غياب الإحصاءات يتخذ المسؤول قرارته بناء على انطباعات السوق أو ممن حوله من المستشارين ومثال ذلك وزارة العمل فلا يستطيع الوزير أن يخرج عن دائرة التقديرات على عكس وزراء العمل في دول كثيرة حيث لديهم أرقاما محددة، وقاعدة بيانات عن عدد الوافدين من كل جنسية.
من هنا لجأ وزراء العمل المتعاقبين طريقة للوقوف على أوضاع سوق العمل, هي ليست مثالية لكنها كانت دائما تفي بالغرض إحصائيا وهي تصويب أوضاع العمالة الوافدة.
لا بد من الإقرار هنا أن استمرار وقف استقدام العمالة لتنظيم السوق إجراء صحيح نظريا لكنه ليس كذلك عندما لا تستجيب السوق فإجراءات الوزارة نجحت في تقليص العمالة الوافدة, لكن لصالح العمالة السورية فقط! وفي ذلك استجابت الحكومة لتوصيات صندوق النقد بشأن بيئة وسوق العمل لكن ما قصده الصندوق هو تشغيل اللاجئين السوريين.
لا يحتاج توحيد جهود تنظيم السوق الى هيئة عليا كما علمت أن عقولا في الوزارة تفتقت أخيرا عن مثل هذه الفكرة, بل الى عودة الوزارة لمهماتها الرئيسية وهي تنظيم سوق العمل بينما أن مهمة توفير فرص عمل جديدة هي مهمة الحكومة والقطاع الخاص, وهو جهد متعثر في ظل غياب الثقة.
بمجرد ظهور مؤشرات البطالة كان ينبغي على الوزارة أن تتجه للبحث عن الخلل في مكان آخر, لأن معدل البطالة في ظل هذه الإجراءات ومع تكثيف جولات اجتثاث العمالة الوافدة وجهود الإحلال والتدريب والعروض قفز لأعلى مستوى منذ العام 2005 ليبلغ 19%.
غالبا ما تواجه الوزارة نقدا يرى في الأرقام التي تعلنها عن العمالة الوافدة مبالغ فيها فإذا كان وجود اكثر من 300 الف عامل وافد مصرح لهم قلا تستطيع الوزارة أن تدلنا على مواقع عمل أكثر من نصف مليون عامل بلا تصاريح, ولا تستطيع أن تحدد لنا جنسياتهم مع أن غالبيتهم من السوريين!!.
الوزارة لا تعرف على وجه الدقة عدد العمالة الوافدة وتعتمد بذلك على معلومات تستقیها من الدول المصدرة للعمالة أو تقدیرات ترصد حركة السفر لكن الرقم الثابت الوحيد هو عدد تصاریح العمل الرسمية.
ما هو واضح أن معدل البطالة آخذ في المدة الأخيرة اتجاهاً صعودياً، مما يدل على أن عدد الفرص التي يخلقها الاقتصاد الأردني لا تكفي لتلبية طلبات الباحثين الجدد عن عمل بمعنى أن المشكلة ليست فقط في كثافة العمالة الوافدة إن صح ذلك بل في عجز الاقتصاد عن توليد فرص عمل جديدة وهو ما يتطلب برنامجاً اقتصادياً واقعياً.
الراي