هذا عنوان مستفز، ولكن في هذا «الزمن الرديء» على حد وصف محمود درويش فهو مجرد توصيف حال لا أكثر ولا أقل، هذه الجملة كتبها وقالها الشهيد صلاح خلف «أبو إياد» في كتابه «فلسطيني بلا هوية»، وكرر هذه العبارة في العديد من خطاباته الجماهيرية، واستخدمها الشهيد ناجي العلي في إحدى رسوماته وتحولت اليوم إلى واقع نعيشه ويمارسه كثيرون من النخب السياسية في عالمنا العربي.
ما زال الفلسطيني ووجوده في الشتات قضية جدلية وتحديدا في لبنان هذا البلد الذي عاد بصورة أو باخرى إلى «أحضان الماضي» التي تآمرت على القضية الفلسطينية وساهمت في قتل «المخيم وابنائه» بسبب التراخي العربي المنظم في ترك الفلسطيني لوحده في مواجهة مصيره، فمن قرار وزير العمل اللبناني كميل أبو سليمان بشان تصاريح العمل للفلسطينيين وصولا إلى الوثائقي المسمى (الرئيس الشهيد بشير الجميل) والذي بدات بعرضه فضائية (MTV) اللبنانية الثلاثاء الماضي، من حيث المبدأ يمكن القول ان تخليد شخصية عميل لإسرائيل مثل بشير الجميل ارتكب مجازر صبرا وشاتيلا بالتعاون مع ارئيل شارون الذي احتل بيروت عام 1982 ويؤكده «الوثائقي» نفسه يشكل بحد ذاته جريمة كاملة، والجميل نُصب تحت «الحِراب الإسرائيلية» رئيسا لجمهورية لبنان في حالة تذكرنا بواقعة «ابن العلقمي» الذي سلم بغداد لهولاكو على أمل تسلمه حكم العراق ثم غدر به المغول وقتلوه.
العنوان «وثائقي الشهيد بشير جميل» بحد ذاته هو عنوان مستفز ومغاير للحقيقة، فكيف لمحطة فضائية نحترمها ونقدرها ان تحول «العميل والقاتل» إلى شهيد، وكيف يقبل الداعمون لهذه المحطة من بعض «العرب» بإنتاج وعرض هذا الوثائقي الذي اشرف عليه الاعلامي جورج غانم المشرف الفعلي على البرنامج الحواري الاول لديها «صار الوقت» لمارسيل غانم.. وهنا اتساءل لماذا هذا العمل الآن؟ وهل هو أولوية تاريخية للبنان والعرب؟ ام أن الهدف منه تبييض صفحة «عميل وقاتل» في وقت باتت فيه «الخيانة وجهة نظر» حسب توصيف «أبو إياد»؟، واتساءل ايضا اليس أولى بالمحطة التى نحترمها ان تنتج وثائقيا عن الشهيد رفيق الحريري؟ أو الشهيد كمال جنبلاط؟ او شهيد الاستقلال رياض الصلح، أو الشهيد رينية معوض؟ والقائمة تطول.
الوثائقي الذي يريد تحويل الخيانة الى بطولة، والعمالة إلى موقف ووجهة نظر هو عمل مشبوه يفتقد للموضوعية.
الراي