*احتل السلوك الاجتماعي والمجتمعي حيزاً واسعاً من الاهتمام في الآونة الأخيرة، حيث حالات العنف والمشاجرات، وبخاصة بين ذوي القربى، وحالات محاولات الانتحار، جادّة أم مسرحية، وسلوكيات الشوارع... وحوادث السير الخ... وغابت الايجابيات المجتمعية عن الاهتمام، ولكنها موجودة على الواقع المعاش: كالترابط الأسري والتضامن والتكافل والتعاون والتواصل الحميد بين الناس، وبخاصة في الأعياد وما قبلها وما بعدها.
*تدعو هذه الحالات إلى فهم السلوك الاجتماعي، والذي يعبر عما يجري في الحياة اليومية، فردياً وجماعياً، من أنشطة وفعاليات، سواء أكانت منظورة، لفظاً أو حركة أو عملاً، أم غير منظورة، كالتفكير والتخيّل والإدراك، وهي ما يستدل عليها من حدوثها ونتائجها، ويرتبط السلوك الاجتماعي يقيم المجتمع وعاداته الحميدة وتقاليده الايجابية، ويقاس بمدى تكيفه مع المتغيرات في المنظومة القيمية- الثقافية تفكيراً وتفاعلاً ونتائج في إطار المسؤولية الاجتماعية، باعتبارها منهجاً وسلوكاً يعبّر عن (ممارسة المواطنة الحقّة):
*فالمسؤولية الاجتماعية، تنبثق من:
- منظومة أخلاقية، فردية وجماعية، ذات صلة وثيقة بمختلف فئات المجتمع ومكوناته.
- وتشمل الإعمال التي يكون المواطن مطالباً بها، ومسؤلاً عنها بالتزام ذاتي، متأثراً بعدة عوامل: دينية، وتربوية وثقافية، كما تشمل منظومة القوانين المتعلقة بالحياة العامة واحترامها تلقائياً، ومشاركة الآخرين بأهمية ذلك الاحترام.
* ولتقريب المسألة بنماذج سلوكية تحافظ على مراعاة السلوكيات والقيم، أذكر حالتيْن:
-الأولى، كنت شاهداً عليها أو مشاركاً فيها، فقد اضطررنا، كوفد تربوي إلى مؤتمر تربوي دولي في جنيف، إلى الدخول إلى صالة طعام قبل إغلاقها بنصف ساعة... وكانت خالية تقريبا من الروّاد... وبعد تناول وجبة سريعة بادر احدنا إلى (التدخين) ولم ننتبه إلى أننا في ركن (ممنوع التدخين)... فجاءت ألينا سيدة تعترض بأدب جمّْ على التدخين، لم تكن من العاملات في الصالة وبشكل عفوي أجابها الزميل المدخّن (الصالة فارغة) وأجابت لكن اللوحة (لا تدخين) موجودة وبالصالة، انتهت الحالة يشكرها وانتقالنا إلى الركن الآخر (للمدخنين).
-أما الثانية، فقد رواها لي زميل دراسة باكستاني، وخلاصتها أن الرئيس المرحوم (ضياء الحق) في حوار مع الشباب الجامعي، أراد أن يضرب مثلا على الالتزام بالمسؤولية الفردية / الاجتماعية... فذكر كيف أنه شاهد في منتصف الليل، وعند الإشارة الضوئية (الحمراء)... سيارة تنتظر الإشارة (الخضراء)... على الرغم من أن الميدان كان يخلو من الحركة، وكان ذلك في عمان-العاصمة الأردنية....
* فالحالة الأولى تحمل معنى الحس بالمسؤولية لدى المواطن... ليس باحترام الأنظمة ذاتياً، بل بلفت انتباه الآخرين لاحترامها: والحالة الثانية تحمل معنى (المواطنة المسؤولية) بوازع ذاتي...
ومما يستخلص من كل ما سبق، أن السلوك الاجتماعي والمسؤولية المجتمعية هما عنصران أساسيان في مجتمعا، فعلى الرغم من أن معدلات العنف أو الجريمة في المجتمع الأردني، حسب تصريح مصدر مسؤول، تصل إلى (1.4) لكل (ماية إلف مواطن)، وهي أقل مما هي عليه في بعض الدول المتقدمة؛ وأن الأردن في مقياس الانفلات الأمني يحتل المرتبة الثلاثين عالمياً، رغم كل ذلك، فأن مجتمعنا، كالمجتمع الأردني تبلغ فيه نسبة الأمية أقل من (5%)، ويحتل المرتبة (45/149) في التعليم عالمياً، يتوقع أن يكون السلوك الاجتماعي بين فئاته أفضل مما هو عليه.
وهذا يتطلب التركيز على برامج التثقيف الاجتماعي الموجهة لمختلف الفئات العمرية، وبالأساليب الأكثر انتشاراً وفعالة من قبل المؤسسات المعنية.