للمتصارعين سياسيا .. الوصاية الهاشمية "دين"
شحاده أبو بقر
25-08-2019 01:22 AM
أكثر ما يثير الإستهجان أن الجميع أردنيين وعربا وأميركيين وسواهم ، يتحدثون في أمر الوصاية أو الرعاية أو الولاية الهاشمية على المقدسات في القدس الشريف ، كما لو كانت شأنا سياسيا خاضعا لحسابات السياسة وشؤونها وتقاطعاتها . لا ، الصحيح تاريخيا أن هذا شأن ديني إيماني وجداني يجب أن لا يخضع لأية حسابات سياسية على الإطلاق .
نعم ، هذا شأن ديني إيماني خالص تعود جذوره الاولى إلى حادثة الاسراء والمعراج الشريفين في بدايات الدعوة المحمدية الشريفة قبل قرابة خمسة عشر قرنا . محمد صلى الله عليه وسلم الجد الأعظم للهاشميين المصطفين بإرادة خالق الكون سبحانه ، هو من أسري به ليلا من المسجد الحرام أول بيت وضع للناس في تاريخ الوجود البشري إلى المسجد الأقصى المبارك الذي وضع بعد المسجد الحرام بأربعين عاما وفقا لقوله صلى الله عليه وسلم .
ومحمد العربي القرشي الهاشمي نبي الله للبشرية كافة ، هو القائل : إن الله إصطفى من البشر العرب ، وإصطفى من العرب بني كنانة ، وإصطفى من بني كنانة قريشا ، وإصطفى من قريش آل هاشم ، وإصطفاني من آل هاشم . هذا يعني دينيا أن الهاشميين مصطفون في المرتبة الثانية مباشرة بعد محمد صلوات الله وسلامه عليه .
وبما أن الله سبحانه وتعالى ولحكمة عظمى أسرى بمحمد من مكة المكرمة وتحديدا من المسجد الحرام إلى القدس الشريف حيث المسجد الأقصى المبارك ليصلي بالأنبياء صلوات الله وسلامه عليه وعليهم جميعا ، وليعرج بصحبة جبريل عليه السلام إلى السموات العلا ، فإن في ذلك إرادة ربانية بأن الولاية والوصاية على المقدسات في قدس الأقداس هي لأحفاده من بعده .
وكما لم ينزع محمد صلى الله عليه وسلم شرافة حمل مفتاح الكعبة المشرفة من حامليه عند فتح مكة عندما أعاده إلى حامله منهم بعد الصلاة في الكعبة المشرفة قائلا لهم : خذوها خالدة تالدة لكم إلى يوم الدين لا ينزعنها منكم إلا ظالم ، وكما إلتزم الهاشميون ومن بعدهم السعوديون بهذه المكرمة لأهلها في مكة المكرمة ، فإن الولاية والوصاية الهاشمية على المقدسات في القدس الشريف ، مكرمة دينية لا يمكن لبشر مؤمن سوي أن يخضعها لحسابات سياسية محضة ، ولا بد من أن تبقى كما هي وإلى يوم الدين ، فالإقتراب منها بنهج سياسي لا إيمان فيه ، هو ظلم بين تماما .
تلك حقيقة دينية إيمانية يجب أن يدركها من لا يدركها أو هو يدركها ويحاول ظلما الإلتفاف عليها ، وعلى القائمين على الأمر شرحها كما هي لعرابي ما يسمى بصفقة القرن ، والذين يطوعون السياسة دينيا عندما يتعلق الأمر بمعتقدهم الديني الذي لا وجود له في القدس الشريف برغم حفريات اليهود المستمرة منذ أثنين وخمسين عاما ، ويتجاهلونها تماما عندما يتعلق الأمر بمعتقد وأيمان من هم سواهم ! .
على السياسيين والإعلاميين والمفكرين الأردنيين ومن كل أصل وفصل ، أن يعوا حقيقة عظمى ترتبط بالعقيدة الدينية مباشرة ، مضمونها أن حق الهاشميين في الولاية والوصاية على المقدسات في القدس ، هو مكرمة دينية إيمانية ممتدة منذ تفجر الدعوة المحمدية المشرفة وإلى يوم الدين ، ولا شأن للسياسة الوضعية وتقاطعاتها وحساباتها الضيقة بأمر جليل كهذا الأمر
اليهود يدركون عمق هذه الحقيقة التي تدحض وبالكلية إدعاءاتهم الدينية في القدس الشريف لا بل وفي فلسطين كلها من بحرها وحتى النهر ، ولهذا هم يحاولون المستحيل للإلتفاف عليها ، ومن هنا تتواصل وتتصاعد إنتهاكاتهم للمسجد الأقصى في هذه الأيام تحديدا قبل تنفيذ ما يتوهمون إمكانية تنفيذه مما يسمى صفقة قرن ، فيما العرب أصحاب الحق ، يتصارعون فيما بينهم حسدا ونكايات وما شابه ، فيختزلون قدسية الوصاية الهاشمية كما لو كانت شأنا سياسيا خاضعا لحسابات سياسية ، وكذا يفعل الأميركيون الرسميون من أتباع الحركة الإنجيلية المتصهينة ، وهم بخلافاتنا ( السياسية ) جد سعداء . ولا حول ولا قوة إلا بالله .
قبل أن أغادر ، الوصاية والرعاية والولاية الهاشمية ، مكرمة دينية إيمانية غير قابلة للنقض ، ولا يتنكر لها سوى ظالم أو جاهل أو متآمر ضد الدين ، لأن البديل حتما ، رعاية سياسية صهيونية لن تبقي ولن تذر للعرب وللمسلمين أي أثر . الله من وراء قصدي . 71