أسوأ شعور يتم توليده هنا في الأردن، ان هناك من يعبث في الداخل، وهذا يعني أن هناك خروقات كبرى، لاعتبارات شخصية، أو لاعتبارات مجهولة تؤشر على ما هو أخطر.
خذوا مثلا قصة الاعتداء على خط مياه الديسي التي هي ليست قصة عادية، خصوصا، حين تؤدي إلى قطع المياه عن خمس مدن، اعتبارا من يوم غد الأحد، وهناك من يشكك بالرواية الرسمية التي تم الإعلان عنها، وربما هناك قصة لا يراد الإعلان عنها لسبب أو آخر.
الرواية التي تتحدث عن اعتداءات متشابهة على خطوط المياه، من اجل ري المزروعات، أو الأغنام، قد تكون صحيحة جزئيا، لكنها في الاعتداء الأخير غير صحيحة.
الفيديو الذي تم بثه لموقع الاعتداء يظهر ان غطاء اسمنتيا وزنه نصف طن من الاسمنت تم رفعه، إضافة إلى خلع قطعة مهمة جدا من داخل الخط أدت الى انفجاره وخروج المياه منه إلى الخارج، وهكذا عمل لا يقدم عليه شخص عادي، أو مزارع، أو راعي اغنام، لان رفع غطاء اسمنتي بهذا الوزن بحاجة إلى رافعة ومعدات وفريق من أكثر من شخص، إضافة إلى أن فك هذه القطعة بحاجة إلى خبير مختص، يدرك أهميتها، ودورها.
هذا يعني اننا أمام حادث أعلى درجة من الإرهاب، حين يؤدي إلى إيذاء الملايين، ارتكبه شخص ناقم عامل في قطاع المياه، أو متقاعد، أو مطرود، أو ارتكبته مجموعة لغاية انتقامية، تريد إثارة مدن المملكة، وملايين السكان الأسبوع المقبل، أو مجموعة تخريبية، لديها مهمة محددة، ومأجورة لجهة ما، سواء داخل البلد أو خارجه، أو تورطت فيه مجموعة ما لغاية ثأرية، قد يعرفها المختصون، ولا يريدون اشهارها حاليا.
لا يمكن لاحد أن يصدق أن القصة قصة أغنام أو مزروعات تعاني من العطش، ولا حتى قصة عطش الجنوب، وعدم مساواتهم ببقية المناطق، وسحب مياه الديسي لمناطق أخرى على حسابهم، فهذه تأويلات لا تصح، وغير منطقية، وتحمل اتهامات غير مقبولة.
لكن في كل الأحوال، ما هي الرسالة التي تتنزل على المواطن حين يسمع كل فترة، عن اعتداء ما على خطوط المياه، أو سرقة المياه، أو تخريب مولدات الكهرباء، أو سرقة الكهرباء، في ظل وجود مئات آلاف الأشخاص الذين لا يدفعون الماء ولا الكهرباء، أو سرقة كوابل الاسلاك، ومع ما سبق الاعتداء على غابات وحرقها، من اجل الحصول على الحطب، والاعتداء على كاميرات الشرطة والرادار، وغير ذلك من حوادث، تقول اننا أمام حكومات غافية، لا تؤدي دورها، او اننا امام شعب يقول شيئا في الظاهر ويفعل شيئا آخر في الباطن، ولا يتورع عن فعل شيء، وكل هذا الذي نراه ونحن في حالة سلم، نتغنى بالأمن والامان، فما بالنا لو كنا في حالة حرب، لا قدر الله؟
في كل الأحوال هذه نتائج غير طبيعية لأمرين، أولهما غياب الدولة، وضعف المؤسسات الرقابية، وتراجع القدرة على معاقبة المعتدين، وثانيهما تراجع الأوضاع الاقتصادية، وبحيث بات الإنسان يفعل كل شيء، دون أي موانع أو محاذير أخلاقية، أو مخاوف من القانون، وهذا يعني أن هذه الحوادث سوف تتزايد، في ظل تراجعات الدولة عن ممارسة دورها، وفي ظل التراجعات الاقتصادية، التي نعيشها هذه الأيام.
سنرى في الأيام المقبلة، كيف سيعم الضجيج مدن المملكة الرئيسية، عمان والزرقاء وإربد، ثم جرش والمفرق، وكيف ستدب الفوضى، وتنقطع المياه، وكيف سيتجبر أصحاب تنكات المياه في المواطنين، من حيث السعر، إذا وجد المواطن دورا له عندهم في الأساس، وكيف تدار هكذا أزمة، بغير التطمينات والبيانات!!
الغد