إستباقاً لحديثنا عن أقوى مدير في العالم أريد أن أخبركم عن كيفية صنع كعكة الشوكلاته الهشة واللذيذة وتالياً أهم المقادير:
كيلو من الثقة بالنفس و نصف حبة من التواضع وأربعة ملاعق من المهارة ورشة عِلم .
لو تفحّصنا هذه المقادير وجربناها لوجدنا أنها تَصنعُ أفضل وأقوى مدير في العالم ، وسيكون طعم النجاح فيها ممزوجاً بعرق الإنجاز والعمل والمقدرة دون كلل .
شخصيات كثيرة يمكنني التحدث عنها تصف المدير الناجح والقوي والفذ ولكنني اليوم سأتحدث عن ( أبو كريم ) النّجار الذي يحمل في معالم شخصيته كل معاني المدير الناجح والأقوى في العالم .
أبو كريم عندما إستلم المنجرة بعد وفاة والده قطعَ عهداً على نفسه أن يكون مثل أبيه ، وأن يتعامل مثله وأن يقدم الخدمات مثله ، ولكنه ومع تقدم الأيام وجد أن اباه كان مخطئاً في عدد من الأمور التي لاقت رداً عكسياً من الزبائن فعمِلَ على تصليحها وإستغنى عن بعضها وعدّل بعضها لدرجة أنه صار يبحث عن الأخطاء الصغيرة قبل الكبيرة ليعدلها ويقوم بتصويبها .
ولكن في يوم من الأيام إقترف ( ابو كريم ) خطئاً كاد يودي بالمنجرة إلى الهاوية بعدما تعامل مع شخصٍ كان ابوهُ رحمه الله حذّرهُ من ان يتعامل معه وكاد هذا الرجلُ ان يقضيَ على كلِ فلس جمعه ( ابو كريم ) ولكن الحظ لعب معه واكتشف بمحض الصدفة ان الرجل مخادع كبير .
رجع ( ابو كريم ) إلى بيته وبحث عن وصية أبيه ليقرأ فيها ما يلي :
- يا بني .. إن الاخطاء التي وجدتها عندي وعدلتها ، في زمني لم تكن اخطاءً ولكن مع التطورات والتغيرات في الزمن أصبحت قديمة ومهترئة والتعامل فيها يعد جريمة بحق العمل .
- يا بني .. الأشخاص الذين حذرتك من أن تتعامل معهم هم أشخاصٌ عرفتُهم عن قرب وجربتُهم وتعاملت معهم وتجربتي معهم كانت قاسية ، فلا تتعامل معهم لأنهم لن يتغيروا .
- يابني .. أعرف انك ستكون مديراً ناجحا لأنك شاب طموح وعلاقاتك طيبة بكل من هم حولك ولست طمّاعاً بل إنك كريم ومعطاء ولذلك سمِّ إبنك كريم ، وأنت يا بني تتميز عني بصبرك وثقتك وجَلَدك على العمل وهذا ما افتقدته أنا ، وكم فرحت أنك نلت رضى كل من يعمل معك لأنك تقدرهم وتدعمهم وتترك مسافة وحاجزا بينك وبينهم لتخلق الإحترام والتقدير بينكم .
فأنت يا بني ... ستكون مديرا ناجحا ، ولكن إياك والغرور والغطرسة واللؤم والعجرفة والنرجسية والإعتداد بالنفس لأنك ما أصبحت مديرا الا لانني مت ، وغدا أنت ستموت وتنتنهي حياتك لتبدأ رحلة جديدة مليئة بالامل مع ابنك ( كريم ) ..
فاعلم يا بني ان نهايتك ستكون بدايةً لغيرك ، فلا تترك غيرك يعلّق عليك فشله ، بل حاول أن تعمل وتتعب وتنجح لتغلب كل من سيأتي بعدك .. تسألني لماذا ؟
لأنك لو كنت مديرا ناجحا ورحلت ، ستترك خلفك كل نجاحاتك التي لن تنسب الّا اليك لانك انت من خلقتها ، ولكن إذا تركت خلفك فشلك ، وهذا يحصلُ مع الكثير من المدراء ، سيُلقى اللوم عليك دائماً، حتى في فشلِهم .
فالمدير الأقوى في العالم .. هو الذي يترك مكانه مديرا ناجحا بما قدم وأعطى وآثر وأحضر ، ويترك وراءه نجاحات وقواعدَ راسخة ، وعلاقاتٍ طيبةً ليُذكَر دائما بالخير ، لأن المدير الأقوى في العالم لن يبقى في موقعه إلا لبضعةِ أعوام .. أما نجاحاته ستبقى طول السنين.