في عصرنا الذي يقدم نفسه كحصيلة للاحداث
العظمى التي مرت على التاريخ العربي، فان هموم العالم العربي ممتزجة بما واجههه من صعوبات واضطرابات وانكسارات، وعلينا ان نشير الى هذه النية المركبة الخاضعة لاضطرابات مفتوحة ، تفضح نفسها بمثابتها منتمية الى تلك البنية ،وليس بمثابتها حالات من التخمر والتكون المبشرة بنتائج ايجابية
ان ماحدث ويحدث للعالم العربي تعبير عن ازمة بنيوينة تاريخية، تعكس الاختراقات التي اصابت وتصيب ذلك العالم في عصر مضطرب وفي معظم البنى الراهنة ،ما قد يكون خطوة كبيرة الى الوراء فمشاريع التنمية الاقتصادية والثقافية والعلمية الحضارية ،تكاد تكون مضطربة وفاشلةفي معظم البلدان العربية ،حيث لا تكاد تكون الاضطرابات الاقتصادية والامنية تتوقف في مناطق عربية عديدة،يقود الى ازمة بنيوية عامة مغلقة على
الحل .
لسنا هنا متشائمين لكننا ايضا غيرمتفائلين امام المد الهائل من الاضطراب والتأزم في العالم العربي وهنا لا نتجاوز البنية العربية الداخلية ، وقد باتت حبلى بالمفاجئات والاضطرابات ذات الطابع اتلاقتصادي والامني والغذائي وغيره ،بل نحن نواجه نمطا من الازمات ،التي قد تتأبى على الحلول العقلانية ناهيك عن الحلول السلمية.
وهنا نجد انفسنا وقد اصبحنا خارج الجقل العقلاني الواقعي المعتدل ،خصوصا مع اتكاء بعض الحلول العربية الى بلدان اخرى غير عربية،مع انه فشل مركب يقف في وجه دعاة التآخي العربي.
ان ما توصلنا اليه في سياق در اسة الانماط الحضارية ،ربما لا يكفل تاريخا وبنيويا الا اذا توافرت بأيدينا حيثيات الانماط الحضار ية الأخرى العربية المحتملة ،وهذا ما يجعلنا في حالة بحث عن المصادر والمراجع المستقبلية بما تبقى من انماط حضارية عربية واذ ذاك قد تكتمل الرؤية الشمولية للحضارة العربية عبر التاريخ.
اننا في المرحلة التاريخبة التي صمدت استمراريتها واهميتها تلك الحضارة ،لنجد انفسناأمام ضرورة البحث والتبصير في هذه الحضارة ،خصوصا بعد ان لا حظنا الايدي الغربية وهي تمتد باتجاه حيازة ما تكتنزه هذه الحضارة من عناصر لم تفقد قيمتها على مر من الزمن .
سوف نكتشف اهمية ذلك الفعل في مرحلة من الصراع العالمي القومي،بين قوى راهنة تنالهض كيان الحضارة الحضارة العربية.
ان فصلا جديدامن البحث في الحضارة العربية ،ينبغي انجازه لوضع ايدينا على مواقعه وحلقاته وبناه واحتمالات تطوره في المرحلة العربية الشائنة ،وذلك في سياق المشروع الحضاري العربي المطلفوب في مرحلتنا الحالية بألحاح ،في مرحلة تتعاظم فيها الاقلام المغر ضة والنوايا السلبية تلجم الدخول في عالم الحداثة والحضارة والتقدم والديموقراطية، مع الحفاظ على الهوية العربية الاسلامية المفتوحة على العصر،والقابلة للتطور والتطويرفي مرحلة هي من اشد المراحل قسوة وصعوبة واشكالية ،وهكذا نكون قد انضوينا في صفوف الحضارة العقلانية المنفتحة والتي تملك القدرة على الاخذ والعطاء ،واذذاك نكون قد حزنا على هوية ذلك التاريخ المتوح على الجميع مع محافظة دؤوبه على الحداثة والعقلانية والتقدم في مجموعة تامة او شبه تامة من اهل العالم العربي المنفتح دائما .
تعرضت اليابان الى هزة ارضية سكانية غير مسبوقة ،تجسدت في انخفاض عدد سكانها بحوالي نصف مليون نسمة ،نتيجة انخفاض عدد المواليد الجدد،مقار نة بعدد الوفيات الطبيعية حسب تقرير وزارة الصحة اليابانية ،حيث اظهرت البيانات ولادة 921ألف طفل خلال العام 2018 المنتهي ،وهو اقل عدد ولادات منذ بدأ اليانيون احصاء عدد مواليدهم في عام 1899م ،مقارنة بوفايات بلغت 1,369مليون خلال الفترة نفسها ،مما جعل الفارق بين الولادة والوفيات يبلغ 448ألف خلال عام واحد ،وهو رقم يقارب او يزيد أحيانا عن عدد وسكان شعوب بأكملها مثل سيشل وايسلندا ومالطا ومالديف والبهاما وبروناي وغيرهم .
نتج هذا الفارق وهو الاهم في تاريخ اليابان عن سببين ، الاول هو انخفاض عدد مواليد 2018 بمقدار 25ألف عن 2017م ليظل دون رقم المليون على السنة الثالثة على التوالي ،أما السبب الثاني فهو ارتفاع عدد الوفايات لمستويات غير مسبوقة منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية ويرتبط السبب الاول او انخفاض عدد المواليد بمفهوم معدلات الخصوبة والتوقعات السكانية المستقبلية ،حيث انه من المعروف الثابت في مجال الدراسات السكانية ،انه كي يظل عدد السكان في مجتمع ما ثابتا دون تغيير خلال السنوات والعقود المقبلة ،فلا بد ان يتساوى معدل الانجاب على الاقل مع مستوى معدل الاحلال ،وهو الحد الادنى من عدد الاطفال الذي ينبغي ان تنجبه كل امرأة خلال حياتها ،للمحافظة على عدد السكان ثابتا ،وهو المعدل يتراوح بين 1و2 طفل لكل امرأة في الدول الصناعية ،ومابين 5و2الى و3,3طفل لكل امرأة في الدول النامية والفقيرة،بسبب ارتفاع معدل الوفيات في تلك الدول ،وما يثير القلق لدى البعض حقيقة ان نصف المجتمعات البشرية تقريبا ،يعاني حاليا معدل خصوبة أقل من الحد الادنى لمعدل الاحلال في الدول الاوروبية على وجه الخصوص .
وصلت معدلات الخصوبة الى مستويات منخفضة جدا الى درجة ان مجتمعات هذه الدول ستشهد انكماشا سكانيا خلال عقود قليلة وربما انقراضها التام حتما خصوصا في ظل حقيقة ان اي من الدول التي شهدت تراجعا في معدل الخصوبة ،الى مستويات اقل من معدل الاحلال لم تنجح ابدا في عكس هذا الاتجاه وفي رفع معدل الخصوبة الى اعلى من معدل الاحلال ،او حتى بقدر مساو له وبخلاف انخفاض معدلات الخصوبة تتنوع وتتعدد اسباب انخفاض عدد السكان مثل الهجرة الجماعية وأوبئة الامراض المعدية واسعة النطاق والحروب والصراعات المسلحة التي تستنمر لسنوات وتلتهم الريف والحضر .
ان كان هذا لا يمنع من ان التراجع السكاني لاي من تلك الدول وخصوصا ذات الثقل في المحافل الدولية حاليا ،مثل اليابان والمانيا وايطاليا ،سينتج عنها تبعات اقتصادية وامنية وسياسية وثقافية،سيشعر بتأثيرها دول وشعوب العالم قاطبة .
اما معاهدة فينا عام 1885م ينظر اليها بانها نموذج لكيفية صناعة السلام بعد الحروب ،نجم عنها نظام دقيق لتوازن القوى وتبنى القائمين عليها احتواء المهزوم بدلا من اذلاله .
مشروع مارشال فقد وضع لبنة السلام في اوروبا ونزع كل امكانية لولادة هتلر جديد وتم استيعاب الخطأ التاريخي الذي ارتكب بعد الحرب العالمية الاولى ولذلك نهضت اوروبا .
Dr.sami.alrashid@gmail.com