الصيف هذا العام غير مسبوق بمعدل ارتفاع درجات الحرارة. والحر كان متواصلا على مدى اسبوع وأكثر درجات الحرارة لم تغادر مربع الاربعين.
الجو تحول، فتنزل على الغور والبحر الميت، وتروح على العقبة وجوها مثل عمان تقريبا.
«الكونديشين « في السيارة والبيت والعمل لا ينطفىء، تفاصيل خليجية في التعايش مع الحر الجديد. ولكن ليس بمقدور كل الاردنيين أن يشغلوا كونيشدين، فهناك بيوت غير مجهزة للصيف، وهناك عوائل لا تقدر على دفع فاتورة كهرباء مئة دينار أو أكثر.
حتى الطعام والشراب في الصيف فانه مختلف. فما يمكن تناوله طوال العام لا يصلح في الصيف، وخصوصا في الصيف الحار، فواكهة وخضار وعصائر واطعمة خفيفة وسناكات وايس كريم وغيرها، وهنا أيضا التمايز الطبقي يفرض على الغلابة والفقراء ومحدودي الدخل بان يعانون ويواجهوا الصيف بحسرة وشح وقلة حيلة.
لا أحب الصيف، ولا أحب الكونديشين، وأكرهه بشدة، ولكني اجبرا احيانا على تشغيله. الكونيشدين ليس طقسا وعادة اردنية، كنا في القرية في عز الحر نجلس تحت «الحماطة والدالية والزيتونة « وينفك كل « الشوب « ودرجات الحرارة الملتهبة، اجواء تحمل نسمات رطبة وندية . ونشرب من مياه الجرة «الزير « المندية والباردة برشوح متدلي من أعباق القطر الصافي.
تقطف «قطف عنب» من الدالية وتغسله من مياه البئر وتأكله على الريق، عن تشغيل مليون «كونديشين « وأكثر. افضل الشتاء كثيرا، واحبه بشدة، ومزاج شتوي، وأحب طبائع وتقاليد الشتاء. واحس أحيانا ان الحر يجعلك مقفلا لا تعرف تفكر بشكل سليم ومنطقي.
احب في الشتاء جلسة النار والموقد والحطب، ولمة الشتوية. ليل الشتاء حميمي، وليل الصيف نافر. في الشتاء تكتشف وانسة الاماكن والاشياء والشخوص، وعلى عكس الصيف أبو الروائح الكريهة.
تحب في الشتاء البرد والمطر والثلج والضباب. تحب الدفء باحساس غير. حتى الطعام والشراب في الشتاء طعمه مختلف، وما الى ذلك من حاجات لازمة لمؤانسة الشتاء، النار الاليفة لا تحرق، والسماء في الشتاء قريبة. فصل الصور، فلم اسمع يوما شاعرا أو فنانا يتغنى بالصيف مثلا، فصل منبوذ ومكروه في خيال المبدعين والمفكرين والفنانين
الدستور