نقش ودور الشباب في تنمية الحياة السياسية
د. مروان المعشر
21-08-2019 12:36 AM
إذا أخذنا بعين الاعتبار ان سبعين بالمائة من الشعب الأردني عمره اقل من ثلاثين عاما، لا ندرك ان مستقبل البلاد بأيدي هذا الجيل الجديد فحسب، بل تقع علينا مسؤولية تشجيع هذا الجيل للانخراط في العمل السياسي من سن مبكرة وذلك لتطوير قدراته المعرفية وتعليمه أهميه العمل الجماعي وبلورة مطابخ لإنتاج القيادات المدربة والمتسلحة بالمعرفة والخبرة والحكمة وعناصر القيادة.
ما يزال ذلك بعيد المنال عن واقعنا الأردني. فبالرغم من جهود مشكورة لتدريب الشباب على الحياة العامة التي يبذلها أشخاص كمعالي وزير الثقافة النشط الدكتور محمد أبو رمان، الا ان العديد من مؤسساتنا، وبالأخص جامعاتنا، ما تزال تحذر الشباب من الانخراط في العمل الحزبي وتهددهم بكافة أنواع العقوبات ان فعلوا ذلك. كما ان لقمة العيش أصبحت الهم الرئيسي لدى الكثير من ابناء وبنات الجيل الجديد ما جعلهم يحجمون عن العمل السياسي وبالأخص الحزبي.
لا يربط الكثير من الشباب بين العمل السياسي وبين تحسين أحوالهم الاقتصادية، فالعلاقة بين توسيع قاعدة القرار وبلورة مؤسسات فاعلة في الدولة وبين التنمية الاقتصادية الفاعلة والعدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص ما تزال غير واضحة لدى بعضهم.
لكن في مقابل كل ذلك، هناك ايضا العديد من ابناء وبنات الجيل الجديد ممن لم يعودوا يقبلون العيش بنفس الشروط التي قبل فيها آباؤهم وأمهاتهم، وممن يصرون على أخذ زمام المبادرة وعدم انتظار الجيل القديم ليتمنن عليهم بمكاسب تجميلية أو مشاركات رمزية في الحياة السياسية. “نقش”، أو نحو قيادة شبابية مدنية أردنية” تأتي مثالا على مبادرة شبابية لتجميع الشباب تحت سن الخامسة والثلاثين في حزب معين (التحالف المدني) لتكوين كتلة وازنة داخل الحزب بهدف اشراك الشباب الأردني المؤمن بمشروع الدولة المدنية الديمقراطية من منتسبي الحزب أو حتى مناصريه.
لم تنتظر “نقش” موافقة من أحد، بل بادرت هذه المجموعة لتأسيس نفسها، ليس منافسة أو مناكفة لأحد، بل لتشكل مساحة للشباب تتعلم وتدرب وتقوم بأنشطة لخلق قاعدة شبابية تكون عمادا للحزب بينما يشق طريقه في الحياة السياسية الأردنية. وقد بادرت نقش لتثقيف نفسها وتوضيح مفاهيم الدولة المدنية الديمقراطية وتوفير مساحة آمنة للشباب وبلورة قيادات الحزب الحالية والمستقبلية بعيدا عن اللغط الذي يصر عليه البعض الذي لا يريد تطوير حياة حزبية حقيقية في البلاد.
يمثل الجيل الجديد أفضل وسيلة لكسر ثنائية السلطوية المدنية والسلطوية الدينية، وبلورة طريق ثالث يؤمن بالتعددية الحقة وبالمدنية الديمقراطية التي تحمي حرية الاعتقاد وتمنع تغول أي جهة على جهة أخرى وتعمل من اجل سيادة القانون على الجميع وبلورة مؤسسات الدولة الراسخة والفاعلة.
سيحتاج تحقيق ذلك إلى عقود، قبل ان تنضج بدائل ديمقراطية لكل من السلطويتين، ولا بد للجيل الجديد ان يخوض معركة التعددية والديمقراطية، لصنع قوى ثالثة قابلة للاستمرار ونابضة بالحياة. وستكون العقبة الأكبر في طريق هذا
الجيل هي كيفية بناء هياكل سياسية تعتبر التنوع والتعددية أموراً ضرورية للاستقرار والازدهار.
هذه المهمة ليست أهلا لأصحاب القلوب الضعيفة أو للأشخاص الذين يستسلمون عند اول عقبة، فليست هناك طرق مختصرة للديمقراطية والازدهار. ولكن مجموعات كنقش تعطينا الأمل ان هناك من الشباب من يبادر ويأخذ زمام الأمور ويخطط من اجل مستقبل أفضل له ولجيله.
الغد