قيل قبل إعلان حركة النهضة التونسية ترشيحها الشيخ عبدالفتاح مورو لمنصب رئيس الجمهورية, ان «سطوة» رئيسها الشيخ راشد الغنوشي هي التي تُفاقِم الخلافات داخل الحركة. وذهب كثيرون داخل الحركة وخصوصاً خارجها, الى توقّع حدوث انشقاقات فيها وبخاصة من قِبل الذين شكَّكوا في مقاصِد الغنوشي, وانه باقترابه من إحداث «انعطافة» داخل مسار الحركة ومقارباتها في الشؤون الداخلية, ومنافَستِها على المواقع الأكثر أهمية في المشهد التونسي, انما يُخفي (الغنوشي) أجندات شخصية, قد تأخذ الحركة الى مواقع ومواقف لم تعهدها طوال نصف قرن، ما بالك أن نتائج الانتخابات المحلية (البلدية) كشفت ضمن أمور اخرى, تراجُع التأييد الشعبي للحركة, التي وإن كانت احتلّت المرتبة الاولى ككتلة داخل البرلمان المُنتهِية ولايته, إلاّ انها حافظت نسبياً على دور مُرجّح لخيارات اخرى, عبر توفير الدعم لقوى وشخصيات توافُقية, أسهمَت هي الاخرى في الحؤول دون سقوط تونس في دوامة العنف والفوضى, التي فرضت نفسها على ساحات عربية اخرى كليبيا والسودان والجزائر واليمن.
وإذا كانت «النهضة» قد أعلنَت نيتها ترشيح الغنوشي لعضوية ورئاسة البرلمان خلال «حياة» الرئيس السبسي, وفوجئت برحيله بعد ذلك, الأمر الذي ترتّب عليه تقديم موعد الانتخابات الرئاسية, بعد أن كانت مُقرّرة في 17 تشرين الثاني, ما عنى – ضمن امور اخرى – تغييراً «إجبارياً» في مُخططات النهضة, التي كانت مُتردِّدة في ترشيح احد اعضائها لموقع الرئاسة، فإن إقدامها الآن وبعد خلافات عصفَت بمناقشات الاجتماع الاستثنائي لمجلس شورى الحركة, ما ساهَم في نجاح «معسكر» الغنوشي الداعي لخوض غمار السِباق الرئاسي, وإن كان حتى اللحظة لا أحد يعرِف ما الذي كان يُضمِره الغنوشي, عندما أدلى بتصريحه حمّال الأَوجُه, الذي يستبطِن الكثير, ووصفِه تقديم النهضة مُرشّحاً للإنتخابات الرئاسية بأنه «أمر ٌطبيعي» مادِحاً ومُشيداً بـ"نائِبه» الشيخ مورو، مُعتبراً إياه «أهلاً للثِّقة", سيعملون (...)من أجل مُروره للدور الثاني».
لا أحد في تونس حتى اللحظة, يتوقّع «مرور» الشيخ «مورو» الى الدور الثاني, واستطلاعات الرأي ــ غير الدقيقة كما تجدر الاشارة ــ لا تمنح الرجل رغم ما يُقال لصالحه من أوصاف كتواضُعه واعتداله ودماثته، فرصة للانتقال الى الدور الثاني. هذا يعني ان النهضة مدعوة (وربما هذا بعض ما رمى إليه الغنوشي) للوقوف خلف أحد «المُرشّحيْن» اللذيْن سيتقابلان في الدورة الثانية. وتسود توقعات بأن وزير الدفاع (المُستقيل) عبدالكريم الزبيدي...هو أحدهُما, فيما تتسع دائرة التكهنات حول الشخصية الثانية, وما اذا كان يوسف الشاهد، رئيس الوزراء الحالي مَن ستدعمه النهضة (بعد إعلان الزبيدي خمس نقاط «ثورية» في برنامجه, لا نحسب انها تُعجِب النهضة والغنوشي شخصياً), كما كانت وَقَفَتْ معه في صراعِه (الشاهد) مع الرئيس الراحل السبسي؟ وهنا تكون سارَت على خطى «إخوانها»...إخوان مصر, الذين لم يتّعِظوا وظنّوا خَطأً, ان «فائِض القوّة» التي استشعروها، ستكون درعاً لهم.
هل «تَسْحَبْ» النهضة.. مُرشّحَها؟
الراي