منبر المسجد الاقصى بين رحلتين
د.بكر خازر المجالي
19-08-2019 08:16 AM
من الزنكية الصلاحية الى رحلته الهاشمية الاردنية
لا زالت الدوافع الحقيقية للمتصهين دنيس روهان غير معلومة ،وهي في اطار التكهنات لسبب اقدامه على حرق منبر المسجد الاقصى يوم 21 اب 1969،
وبعد خمسين سنة من ذلك اليوم نرى تراجعا في مجالات حل القضية الفلسطينية ، ولم يشكل حرق منبر المسجد الاقصى دافعا عربيا واسلاميا كافيا للعمل تجاه القدس والمقدسات وفلسطين اللهم الا ولادة منظمة المؤتمر الاسلامي التي كان من اول قراراتها في ايلول 1969 هو تشكيل لجنة خاصة للقدس – ولم يكن الاردن عضوا فيها – وتكليف دولة غير الاردن لاعادة بناء منبر المسجد الاقصى ،ولم تنفذ تلك الدولة عملية اعادة البناء ،وتم تكليف دولة عربية اخرى لتنفيذ ذلك ،ولم تقم تلك الدولة ايضا بأي شيء ،الى ان بادر المغفور له جلالة الملك الحسين طيب الله ثراه باصدار توجيهاته الى رئيس الحكومة حينها (الدكتور عبدالسلام المجالي ) عام 1993 للمباشرة باعادة بناء المنبر حتى يعود الى مكانه التاريخي ويستمر في اداء دوره التوعوي .وجاء في كتاب جلالته طيب الله ثراه لرئيس الوزراء :
"لقد صممنا وآلينا على أنفسنا أن نحافظ على المقدسات والتراث الخالد الذي منه منبر صلاح الدين الأيوبي ذلك المنبر الذي لم يُعمَل في الإسلام مثله، ولا بد من إعادة صنعه على صورته الحقيقية المتميزة ببالغ الحسن والدقة والإتقان ليعود إلى سابق عهده في أداء دوره التاريخي في هداية المؤمنين وتوعيتهم وحفزهم على التعاون والتضامن".
وضعت المخططات والدراسات الفنية لاعادة اعمار المنبر ، وتحولت كلية العمارة والفنون في جامعة البلقاء التطبيقية الى خلية نشاط دؤوب ، وجامعة البلقاء بجبالها التي تعانق جبال القدس ازدادت ترابطا ووجدانا ،وانتشى الاردنيون جميعا وهم يراقبون ويتابعون عملية اعادة بناء المنبر ليكون هذا اقوى رد على جريمة الاحراق، وبرسالة تقول ان صلاح الدين ونورالدين زنكي والاختريني مهنس البناء الاول للمنبر في حلب ،هؤلاء هم احياء في نفوس الاردنيين ولهم القدرة على انجاز المنبر على ذات شاكلته .
نجح الاردن باعادة بناء المنبر وصنعه بذات التفاصيل الفنية المعقدة التي شملت اكثر من 1600 قطعة بنظرية التعشيق في العمل ، وتابع جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين هذا الجهد ودشن قطعة المنبر كاشارة للبدء بتجميعه ،ثم ليواصل المنبر رحلته التاريخية الثانية من السلط الاردنية الى القدس والمسجد الاقصى .
نعم نحن نعيش لحظات مع التاريخ الخالد .. تاتريخ يحق لنا كأردنيين ان نفاخر الدنيا به ،فنحن الذين جددنا رحلة المنبر بعد 832 عاما من وصوله الى القدس في عام 1187 م بعد معركة حطين ، وبعد هذه القرون الثمانية ونيف يتجدد التاريخ بأن يعود التاريخ الى مهده على يد القيادة الهاشمية ليبقى المنبر نورا وشاهدا على حياة امة وعروبة ارض .
يحق لنا ان نقول ان للمنبر في تاريخه رحلتان :
الاولى الرحلة الزنكية الصلاحية على يد صلاح الدين الايوبي بعد معركة حطين عام 1187م ،
والرحلة الثانية هي الهاشمية بعد احراق المنبر عام 1969 ، بانطلاقة المنبر من السلط الاردنية برعاية هاشمية عام 2007م .
ومنبر المسجد الاقصى الاقصى الذي كتب تاريخ حطين ونقش صفحة من مجد ، يعود ليؤكد تاريخ وطن وشعب وقيادة فيها من روح صلاح الدين تلك الغيرة على تراث العرب والاسلام .