قبل أيام كتبت بوست على الفيس بوك ومضمونه «كل ديك على مزبلته صياح «. سألني أصدقاء كثر ما الذي أقصد وارمز اليه بالديك والمزبلة والصياح، وبالمجمل ما الرسالة التي يحملها البوست؟
يبدو أن كثيرين يغيب عن خيالهم الصور الواقعية للديك عندما يكون واقفا على مزبلة القرية ويصيح. الصورة قديمة بعض الشيء، ولربما أن كثيرين من أهل المدن لم يرونها، وقد وصلت الى أذهانهم مجازا.
المثل جاء على حين غفلة في بالي، وعندما كنت في عطلة العيد بالكرك، وأتصفح الفيس بوك، واقرأ تعليقات للبعض، وما تزامن مع رؤيتي لديك على مزبلة القرية يصيح.
كم هي ظريفة شخصية الديك، مغرور نافش ريشه، ومنفوخ من الامام والخلف، ومتبجح. وفي سلوكه الغرائزي فانه يبتعد عن بيت الجاجات ليمضى وقته على المزبلة، وفي أي وقت، ودون مواعيد ولا رزنامة يطلق صيحاته.
على قذارة المزبلة، وما يحيط به من أوساخ وروائح ومكرهه صحية، يفنش ريشه، ويقف منفوخ الرأس، ومعرش ينظر الى الاخرين بفوقية وازدراء، امعنت طويلا في النظر الى الديك، وحاولت مقاربة صورته، فكم يشبه كثيرين نراهم يوميا.
في صورة الديك على المزبلة تفسر غرور يصيب كثرة من البشر ، وخاصة كثيرو الصياح. والمصابين بامراض وعلل واختلات نفسية وخلقية، وقاحة واستعلاء وصراخ لا متناهٍ.
الجأشة والصلابة، والعزم، والرجولة والتحدي بالحق لا تكون على طريقة الديوك، وأن تكون معتزا ومتباهيا وراقيا، فهناك حيثيات لا يمارسها ديك المزبلة .
في بيوت العزاء وجاهات ومناسبات اجتماعية ما أكثر الديوك الذين نراهم. يدخل نافش ريشه، ونافخ حاله، وبكون راكب سيارة ومعه سائق، ولا يجلس الا في الصف الاول والسدر، وهو جالس رأسه منفوخ الى فوق ولكن تفكيره كله تحت الحزام.
كل ما يفتحوا سيرة موضوع يفهم به، ويكذب في المجالس العامة اكثر مما يتنفس. صولات وجولات وبطولات وهمية، وذبحت وسلخت ونحرت وخذ من هالكذب، ولو سمع صوت زامور بكم الغاز بخاف ويهرب.
كل ديك على مزبلته صياح. المثل على فقر كلمته الا ان الاستدلال به واسع الخيال والمنطوق.
الدستور