حصيلة الجولة الأخيرة لكوشنر
فهد الخيطان
18-08-2019 01:32 AM
لم تحمل جولة مستشار الرئيس الأميركي جاريد كوشنر الأخيرة في دول المنطقة جديدا يذكر مقارنة بجولاته السابقة، باستثناء الاعتقاد السائد في أوساط فريقه بنجاح ورشة البحرين، وضمان توفير الموارد المالية لتنفيذ الشق الاقتصادي من خطتهم للسلام في الشرق الأوسط.
لم يكن بوسع أحد من المتابعين أن يحدد بدقة أساسا منطقيا لمثل هذا الاعتقاد، خاصة وأن الدول التي يعول عليها كوشنر لتمويل السلام الاقتصادي لم تعلن رسميا عن موافقتها على تمويل الصندوق المزمع تأسيسه في البحرين.
الدعم الذي تلقته خطة السلام الأميركية من بعض دول المنطقة اتسم بالعمومية وكان مشروطا بتوفر خطة سياسية تلبي متطلبات الحل العادل وفق مبادرة حل الدولتين وقرارت مجلس الأمن بهذا الخصوص.
الشق السياسي من الخطة مايزال حبيس أدراج الرئيس دونالد ترامب، ويمتنع كوشنر عن كشف فحواها بانتظار القول الفصل من ترامب. حتى الآن لم تحدد إدارة ترامب موعدا لإعلان الخطة؛ قبل أو بعد انتخابات الكنيست الإسرائيلي.
كوشنر يربط مصير خطته وفق اعتقاد مراقبين بمستقبل نتنياهو السياسي، الأخير يواجه امتحانا عسيرا في الانتخابات المقبلة. فوز اليمين مرجح بقوة لكن قدرة نتنياهو على تشكيل حكومة تبدو محل شك، بالنظر إلى انقسام أحزاب اليمين تجاهه، والملاحقة القضائية بتهم الفساد التي تهدد بجلبه للسجن في أية لحظة.
فريق”السلام الأميركي” سيختبر في الفترة المقبلة فرص التفاهم مع المرشحين لخلافة نتنياهو من المعسكر الآخر، لكن خروج نتنياهو من المشهد يمثل ضربة قاصمة لمشروع كوشنر وصفقة القرن الموعودة.
ولم يرد في جولة كوشنر الأخيرة ما يؤكد جدية الإدارة في الدعوة لقمة في كامب ديفيد الشهر المقبل، وإن كان التفكير بالخطة مطروحا كخيار. الهدف من القمة في حال انعقادها تدشين الشق السياسي من الصفقة وإعلانها رسميا.
هذا السيناريو لا يناسب أقرب حلفاء واشنطن في المنطقة، إذ ان خيار عقد القمة بالتزامن مع الانتخابات الإسرائيلية سيترجم عمليا كدعم لنتنياهو في الانتخابات، ودعوة عربية لتكليفه من جديد بتشكيل الحكومة، وهو ما يتناقض تماما مع الموقف العربي الذي يجد في سياسات نتنياهو واليمين المتطرف عقبة في طريق السلام العادل.
الموقف العربي حيال الأفكار الأميركية للحل في الشرق الأوسط مايزال متماسكا، وثمة تقدير بأن ما من دولة عربية تجرؤ علنا على دعم خطة للسلام تتنكر للحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة على حدود الخامس من حزيران وعاصمتها القدس الشريف.
بعد الجولة الأخيرة لكوشنر في المنطقة من المفترض أن يعود مع فريقه لواشنطن لتقييم الموقف، وتحديد الخطوات المقبلة. لكن ما سمعه كوشنر في بعض العواصم العربية لايشجع أبدا على مواصلة نفس التكتيك في إدارة الصفقة الغامضة. ومع مرور الوقت ربما يواجه صعوبة في الخوض بعملية بشروط غير منصفة مصيرها الفشل.
الانتخابات الإسرائيلية قد تقلب المعادلة، وإدارة ترامب تقترب من موسم انتخابي استثنائي. وبين هاتين المحطتين سيغدو مصير الصفقة في مهب الريح.
الغد