ليس غريبا ان تكون حماس قريبه من إيران ،فأول حلفاء إيران في المنطقه بعد مجيء الخميني كانت جماعه الاخوان المسلمين ،وحتى في فتره الحرب العراقيه الايرانيه كانت الجماعه أقرب إلى إيران فنظام الحكم في العراق كان بنظر الكثيرين في الجماعه بعثي كافر .
ورغم مالقيته حماس من أبواب مفتوحه في الخليج حتى يوم كانت تتبع للاخوان إداريا إلا ان إيران كانت قريبه جدا ،واستطاعت أن تقرب إليها معظم التنظيمات الفلسطينيه ،فايران اتقنت تقديم نفسها عبر بوابه القضيه الفلسطينيه وبوابه الدين ،وزاد من حضورها الدور الذي لعبه حزب الله ، ولم يكن هذا الحضور لدى حماس فقط بل حتى لدى قطاعات شعبيه عربيه واسعه .
وحتى مع دخول تركيا تحت حكم أردوغان منافسه إيران على المنطقه العربيه من بوابه القضيه الفلسطينيه إلا أن إيران احتفظت بحضورها وان كانت تأثرت بما جرى في العراق بعد احتلاله واتساع الحاله الطائفية التي رعتها إيران خدمه لنفوذها في العراق والمنطقة .
لكن التحول الأهم كان مع بدايه الازمه السوريه التي أجبرت الشركاء والحلفاء على الخلاف ،فايران وحزب الله اعتبروا ان بقاء النظام السوري مصلحه استراتيجيه لهما ،بينما رأت تركيا ان رحيل النظام السوري انتصار لها ولحلفاءها من المعارضه وبخاصه الاخوان المسلمين ، أما حماس التي لم تكن مصالح الاخوان السوريين تهمها يوم ان كانت حليفا للنظام فإنها انحازت إلى المشروع الإخواني الإقليمي ولمصالح حليفيها قطر وتركيا ووقفت في صف العداء للنظام السوري بل وقدمت خدمات لبعض قوى المعارضه في دمشق وتحديدا مخيم اليرموك وهذا ما اتضح بعد انتصار النظام في معركته في تلك المناطق .
حماس غادرت دمشق وغادرت علاقتها الاستراتيجية مع نظام كانت تعتبره عنوانا للمقاومه ،بل وكانت تتمنى سقوطه لأن بديله الذي كانت تتوقعه أقرب إليها ، وبهذا الموقف ضعفت علاقتها بطهران وحزب الله لكنها لم تنقطع ،لأن إيران وحزب الله مثلما يرون في سوريا ساحه نفوذ فإنهم يرون في غزة وبعض الضفه ساحه مهمه جدا ،لهذا بقيت حماس على تواصل مع حزب الله وإيران لكنه تواصل ربما كان في المجال العسكري وشبه العسكري .
وبعد ان استقر الأمر نسبيا للنظام السوري وتأكد لكل الأطراف انه لن يسقط عبر المعارضه بأنواعها ،عادت حماس تحاول ان تمارس البراغماتيه مع بشار الأسد لكن النظام السوري كما يقول للوسطاء أنه يشعر بأن حماس خانته ، لكن حماس بقيت تحاول وستبقى ،وقدمت مبادرات حسن نيه مثل خرائط لانفاق كانت تستعملها التنظيمات المسلحه ضد النظام في مناطق دمشق ،لكن النظام السوري يعتقد جازما ان حماس قفزت من حضن دمشق إلى حضنها الإخواني وباعت سوريا التي قدمت لحماس كل شيء .
أما إيران فإنها تتعامل مع الجميع أنهم أوراق لتعزيز نفوذها ،ولهذا أعادت الحيوية لعلاقتها السياسيه مع حماس ،وهو أمر أسعد حماس كثيرا وهي التي تواجه رفضا من دول عربيه وخليجيه مهمه ،وخسرت أيضا الساحه السودانية ، بل إنها بحكم تركيبتها القيادية الحاليه تميل إلى إيران اكثر من غيرها ، ولهذا نرى التصعيد الكبير في تعبير حماس عن مكانه إيران لديها ،بل إنها وضعت نفسها إلى جانب إيران في اي معركه تستهدفها ،وهو أمر ليس في مواجهه أمريكا بل الدول العربيه التي تأخذ موقفا متشددا من إيران ،وربما تأمل حماس من إيران ان تفتح لها أبواب دمشق مره أخرى ،لكن التاجر السوري الذي يرى في حماس صديقا خانه في محنته لن يقبل بعوده العلاقات دون ثمن كبير لا يقل عن رهن حماس مسارها لمعادلات النظام السوري .
لا يمكننا القول ان هناك تحالفا ايرانيا مع حماس بل هو استغلال إيراني لحماس ونفوذها في فلسطين واستثمار لسوء العلاقات بين حماس وعواصم عربيه مهمه ،أما دمشق التي تشعر بنشوة الانتصار فإنها تنظر إلى حماس باعتبارها طرفا يبحث عن مأوى سياسي بعدما أخطأ في حساباته ،ودمشق كما يقول مقربون منها ترى في حماس حاله براغماتيه في مكانه أقل بكثير من تنظيمات فلسطينيه بقيت إلى جانب النظام بل وقاتلت معه يوم ان هربت حماس من دمشق ووقفت في صف اعداء النظام السوري بل وكانت تنتظر سقوطه .
حماس سعيده بالحضن الإيراني ،وإيران تعتقد أن الساحه الفلسطينيه هي الأهم في معاركها في الاقليم بما فيها مناوراتها مع أمريكا ،وحزب الله هو القاعده المتقدمه لإيران التي تقدم من خلالها الخدمات لمن حولها من التنظيمات ،فايران لا تريد الصدام العسكري مع إسرائيل لكنها تريد أصدقاء تربك إسرائيل من خلالهم .وحماس هي القادره بحكم حدودها في غزه مع الاحتلال على ان تفعل هذا .
في ظل علاقه حماس الوثيقة مع طهران تستطيع ان تضمن الاستفاده من حزب الله وكل الساحه اللبنانيه ،وتستطيع ان تبقي الأمل بعوده الدفء مع دمشق وأيضا الاحتفاظ بعلاقاتها القويه مع قطر ،في وقت ترى فيه خصومها في حركه فتح في وضع صعب حيث تغيب الخيارات السياسيه والعسكريه ويزداد التعنت الصهيوني .بينما تبقى البوابه التركيه والقطرية لحماس مفتوحه في للحديث السياسي مع الآخر .