عدت للتو من تايوان والتي يطلق عليها جمهورية الصين، ضمن وفد نيابي في زيارة استمرت عدة ايام.
أشياء كثيرة تستدعي التوقف والوقوف عندها تظهر لك مدى عظمة هذا البلد الصغير الذي يساوي ثلث مساحة الأردن والمحاصر من دولة عظمى مثل الصين والذي لا تتعرف به سوى ٢٣ دولة في العالم، فهو بلد بلا سفراء ولا سفارات وله بعض مكاتب التمثيل في بعض الدول التي تربطها علاقات دبلوماسية وتجارية مع الصين
فيه تنميه وصناعة وأهمها الصناعات التكنولوجيه وزراعة ويبلغ الناتج المحلي الإجمالي لتايوان اكثر من ( 556) مليار دولار أمريكي ويبلغ متوسط دخل الفرد فيه أكثر من ( 32000 ) وفيه اعلى برج في العالم المعروف ببرج (101) قبل أن يصبح الان الثاني بعد برج خليفه في دبي
ما يلفت انتباه الزائر في هذا البلد الصغير والذي يبلغ عدد سكانه اكثر من 23 ميلون نسمه نظافته دون وجود عمال للنظافة
كيف يستطيع هذا البلد ان يكون نظيفاً بهذه الطريقه دون وجود عمال في الشوارع وخصوصاً في العاصمه تايبيه والتي تعج بالحياة والسكان
نعم لم ألحظ على مدار ايام الزياره وجود عمال للنظافة وتسآلت فيما بيني وبين بعض اعضاء الوفد أين عمال النظافة من هكذا نظافه
اسوق هذه المقالة لفكرة بناء ثقافة التعاون والتطوع في بلد مثل تايوان لا وجود فيها لمفهوم عامل الوطن، والذي استبدل بعامل الانتماء للوطن، مجمعات ضخمه ومولات تسوق كبيره واسواق شعبية وحركة كثيفة للناس والسيارات والدرجات، يقابلها عدم وجود للحاويات او مكبات النفايات او عمال الوطن
استوقفني الأمر فبادرت بالسؤال؟
وكانت الإجابة ان جميع مواطني تايوان عمال للوطن دون اجر فهم يعملون بشكل تطوعي في جمع نفايات مجمعاتهم واماكن سكنهم وتجارتهم ويقومون بجمع النفايات بعد فرزها الى ثلاث فئات لكل فئة منها كيس او حاوية صغيرة وتبقى في مكان جمعها الي ان تأتي سيارة جمع النفايات والتي يبدأ عملها من الساعة الثامنة والنصف صباحاً وحتى الحادية عشر ليلاً تبعث موسيقى كتلك التي نضعها على سيارات بيع الغاز في بلدي ليقوم المواطنين بوضع النفايات التي جمعوها في تلك السياره وبحسب النوع الذي خصصت تلك السياره لنقله ( كرتوني او زجاجي او بلاستيكي او نوع آخر) لتذهب بها إلى مصانع تدوير النفايات التي تشكل واحده من أهم مصادر الطاقه لديها.
ممنوع ان تلقى بهذه الأكياس في الشارع او ان تضعها على حافة الطريق او امام العمارة او المجمع التجاري او السكني، ما عليك سوى الانتظار لمرور الضاغطة ( سيارة نقل النفايات) لتقوم بوضع ما قمت بجمعه فيها انت بنفسك ودون مساعدة من احد من عمال الضاغطة.
هذه هي فكرة عمال الوطن في تايوان الذي يواجه الصين وحصار الصين ولا تعترف به سوى ٢٣ دولة في العالم
آما آن لنا أن نؤسس لفكرة تعزيز الانتماء للوطن من خلال نشر ثقافة التطوع وتوزيع الأدوار وبناء جسور الثقة واحترام الاخر وتعظيم الإيجابيات والبناء عليها وتجاوز السلبيات وعدم الوقوف عندها ومحاسبة المقصر بعيداً عن الشماته واغتيال الشخصية
فالاوطان تبنى بالانتماء والعمل لا بالشعارات والهتاف والكسل.