العتوم يكتب: مندوب جرح لا يساوم
عبدالله العتوم
12-08-2019 04:15 PM
الرسائل التي نبعث بها في البريد قبل الثورة التكنولوجية قد تضل طريقها، لكننا نصر احيانا على اعتماد هذه الوسيلة فنقع في غم يلقي ظلاله على البداية والنهاية عندما نقتبس من (ابن كثير) وعندها نطالب باخضاع الواقع للنقد العلمي البناء في ضوء الحقائق التاريخية، مع ايماننا بان هناك تلاعبا بمضمون رؤية يراد لها ان تتناسب وعقيدتهم التلمودية وتاريخهم ومفهومهم الخاص.. وعلى قاعدة هذا الفهم ترتسم صدمة تاريخية بسبب التناقض القائم والى ابعد الحدود.
وما بين هذه المسافة التي تفصل بين الكلام والصمت، والعلاقة بين السياسة والثقافة ، واخرى ذهبت بالصديق باسم سكجها، ان يصل من دبين الى شارع يحمل اسم ابراهيم سكجها في اول يوم العيد، ويعود بعدها فورا الى غابته في دبين، والزيارة التي قام بها الصديق أحمد سلامة الى قريته (بديا) التي غادرهاعام 75ولم يرها من ذلك التاريخ حتى قبل اسبوعين، فزار مسقط الراس، وارجو ان تغفرو لي ان احشر مسألة التعميم والاطلاق من آفات الفكر السطحي الذي يتناول الظواهر من قشورها كجزيئات منفصلة عن بعضها البعض، وكأنها لحظة ساكنة، لا كحركة حية متفاعلة مؤشرها انني رايت (فريدمان) سفير دولة الولايات المتحدة الأمريكية في تل أبيب، وبعدها لم اجد له مقراً في بلادنا في مدينة القدس، ولا اقتنع ان بلداً عظيماً كأمريكا يسمح لسفيره بان يحمل (شاكوشا) ليهدم جدارا من أسوار القدس ليفتح كوة أحدثها أبو شاكوش في ذلك الجدار الذي بناه الاجداد في اقدس بقعة في العالم عند مليار ونصف من بني البشر.
خرجت (بديا) عن بكرة أبيها تستقبل ابنها الغائب الحاضر، وأحمد سلامة ليس وزيرا ولا نائبا أو عينا في مجلس الأعيان، انه صحفي سلاحه وعقيدته قلما وصفحة يخط عليها فكرا وثقافة وسياسة، وخفت عليه في رحلته تلك من تهمة بأنه إرهابي او ينتمي للإخوان المسلمين المحرمة في بعض دولنا، وخفت عليه اكثر لانه خريج أدب عربي، ويتذوق الشعر، ان يردد ما قاله محمود درويش (انا مندوب جرح لا يساوم) وان الحفاوة التي نعم بها أحمد سلامة عندما ذهب الى مسقط راسه جاءت نصرا لغيابه، هكذا دون تفسير من العقل او تحليل من المنطق، حتى ان الزيارة والمشهد الذي رافقها كانت كالبراكين والزلازل انفجرت دون سابق انذار من القدر المجهول .
من أجل هذه كله وانا هنا في (سوف) توجهت الى احمد سلامة الى اعماق هذا الانسان المرتبط بهذا الحدث، سواء كان اردنيا او فلسطينيا معنيا مباشرة بالظلم أو انه عربيا من خارج الدائرة، لكن وبالتاكيد شكلت تلك الزيارة فرحا وحزنا، لان العالم يخضع تلك المشاعر لمنطقه، كونه إنسان ابن تلك القرية أرض الديار، الوطن، كانت عبارات أدخلها أحمد سلامة في كل موقف او كلمة كتبها.. ليس لها تاريخ لا في شهر ولا في سنة، لكنها موجودة في الأرض... والتاريخ له علاقة بها، وأختم فان زيارة (بديا) جاءت وفق مطلق القيود التي كبلتنا في الزمان والمكان وكانت وفق ما يكتب وفق آخر نشرة للانباء .