يحدث في أغلب المطاعم، تطلب كولا مع الأكل فيأتي «الجرسون» بها بكوب مع ثلج ويسكب المشروب من فوقها. تشعر بالغضب والاحباط والقرف واليأس عند تكرار وقوع هذا المشهد، لا اعرف ماذا يصيبني؟ لا اريد مشروبا بالثلج مثلا؟ واضطر الى تنبيه « الجرسون «، وما اريده هو شرب كولا لوحدها، يذهب ليستبدل المشروب بنوع آخر مع ثلج ايضا.
في احد المرات لم يتبلع احد الجراسين دهشتي، وقال بوقاحة الاغبياء لم تطلب مشروبا بدون ثلج. صدمني لم اعرف ماذا سأرد عليه. فقلت له على اعتبار أن يفهم او يحاول الفهم : هل المشروب يأتي عندكم مع ثلج أو دون ثلج؟
هم بالانصراف طبعا، راميا وراءه ثقلا رازجا من الخيبة. ولكني كنت مصرا على سماع اجابة، وهددته باني سألجأ الى ادارة المطعم ولو وصل الامر الى صرفه من العمل، اريد أن اسمع جوابا. فقال : نعم يأتي بلا ثلج ولكن نضيفه قبل تقديمه.
فقلت له سألتني أريد مشروبا بثلج أما لا ؟ فما هو الاصل في إضافة الثلج وتقديم المشروب ؟ وهل من مشكلة أن تترك تقديم الثلج الى خيار الزبون إن اراده كذلك أو لا ؟
في كل مرة أقول لا أريد طلب مشروب دون ثلج، على أمل أن أصطدم بجرسون ينتبه الى هذه المسألة ويدركها مسبقا لانها الصواب. حاولت ان ادخل برهان بسيط لاصادف اناسا ينحازون الى المنطق الذي يميز الانسان عن غيره، ولكن كل مرة أخسر الرهان.
وفي احد المرات مثلا، طلبت ثلجا باردا، فقام المطعم ولم يقعد بحثا عن ثلج بارد، وتقدم مدير المطعم بالاعتذار عن تلبية الطلب بحجة عدم توفر هذا الصنف. ولحظتها تركته دون أن ادخل في نقاش اوسع مع حضرته لانه من الواضح كم أن عقله متلبد بالغباء وقصور النظر وفقر الخيال ولو الاستدلالي الحسي.
لربما هي ملاحظات خاطفة تشغل العقل بالتفكير في الاخرين وكيف يفكرون ؟ الناس تندهش من الكلام المنطقي والعاقل. ويمكن الان احد الاصدقاء الفضولين» ينط « قائلا : تترك ما يجري في الوطن المنكوب والملطوم والمجروح، وهذه الدنيا المليئة والمغمورة بالفوضى والظلم والاستبداد والكوارث والمصائب والويلات، ولا يدهشك غير هذا الموضوع الساذج والتافه
الدستور