خدمة البحوث البرلمانيّة واقعها وفعاليتها
سيف زياد الجنيدي
08-08-2019 09:51 PM
عقد في عمّان مؤخراً بمشاركة عشر بلدان عربيّة وعالميّة المؤتمر العربيّ- الأوروبيّ الثاني للأمناء العامين للمجالس النيابيّة بعنوان "خدمات البحوث البرلمانيّة: تعزيز التّشريع عبر البحوث وتحليل البيانات المُتخصّصة والمُستقلة"، والذي جاء استكمالاً لبرنامج مستمرٍ بإشراف وتنفيذ المؤسسة اللبنانيّة للسّلم الأهليّ الدّائم ومؤسسة كونراد اديناور يهدف إلى مأسسة التّعاون بين الأمانات العامّة للمجالس النيابيّة.
أثبت المؤتمر أنّ جودة البحوث البرلمانيّة هي التي توفّر تشريعاً بجودة عالية مضموناً وصياغةً، بالإضافة إلى ضرورة التخطيط الاستراتيجيّ البرلمانيّ. تمحورت المُداخلات والمُناقشات في هذا المؤتمر وفق المحاضرة الختاميّة التي قدّمها الأستاذ الدكتور أنطوان مسرّه عضو المجلس الدستوري اللبنانيّ والأستاذ في معهد الإعلام الأردنيّ حول ثلاث قضايا رئيسة، هي: دور الأمانات العامّة البرلمانيّة في التّحولات اليوم، وتحديد الحاجات وشروط الفعالية، واستشراف مجالات العمل.
في ما يتعلّق بالمحور الأول استُخلص وجوب ممارسة الأمانات العامّة البرلمانيّة دوراً مجتمعيّاً في سبيل توفير البيئة المُناسبة والفاعلة في سبيل نوعية التّشريع والرّقابة والتّطبيق في ضوء تعدّد مهام الدولة العصريّة والحاجة إلى كفاءات متنوّعة الاختصاصات لمواكبة تسارع الأحداث.
أمّا على صعيد الحاجات وشروط الفعالية فتتلخّص بسبعة توجّهات، هي: دور الأمانات العامّة البرلمانيّة في سبيل دعم شرعية المجالس النيابيّة من خلال الفعل والإنجاز والمصداقية، وحوكمة المعلومات عبر ضمان جودة ونوعية ومصداقية المعلومات والإحصاءات والدراسات، وتوفير خدمة بحثيّة تستند إلى خبرة ميدانيّة تطبيقيّة والبحث الاستباقيّ
واستشراف مواطن الخلل، ونوعية وتعدّد الخبرات التي تحتاج إليها المجالس النيابيّة والتي تحتاج إلى خبراتٍ تطبيقيّةٍ إجرائيّةٍ متعدّدةٍ في مختلف العلوم الطبيعيّة والإنسانيّة والتي تستلزم بطبيعة الحال التّشبيك مع مؤسسات بحثيّة ومع المؤسسات الرسميّة ومؤسسات المجتمع المدنيّ وهذا ما يُسهم في تنمية الثقافة البرلمانيّة، والشفافية في نشر الأبحاث البرلمانيّة وضرورة الحفاظ على السرية في حالات مُحدّدة، وتطوير التّواصل الالكترونيّ مع الاهتمام بالمستفيدين والتّحقق من بلوغية المعلومات وفاعلية تساؤلات المواطنين، وختاماً المصداقية والخلقية العلميّة عبر ذكر الباحث بوضوح المعايير والمبادئ التي ينطلق منها والتي تعبّر عن التزام وقناعة.
أشير في المؤتمر أيضاً إلى التّجارب العالميّة الرائدة في مجال خدمة البحوث البرلمانيّة ومنها التّجربة في كوريا الجنوبيّة إذ يتألّف مركز الأبحاث من 206 أشخاص يتلقون 8000 طلب سنويّاً، وفي السّويد هناك 37 باحثاً يتلقون حوالي 2000 طلب سنويّاً في السّنة ويضعون تقارير قصيرة وتطبيقيّة. أمّا في لبنان فهناك 20 باحثاً يتوزّعون على اللجان النيابيّة، وقد تستعين المؤسسات البحثيّة بخبراء خارجيين من مختلف التّخصصات كما هو الحال عليه في الأردن وفلسطين.
استخلص من المؤتمر ستة توجّهات تطبيقيّة في سبيل الاستمرارية، هي: عقد مؤتمر ثالث من خلال شبكة الأمناء العامّين يتخلّله عرض نماذج وحالات تطبيقيّة لممارسات جيدة، وإصدار دليل إرشاديّ. تبادل الخبرات بين الأمانات العامّة للبرلمانات، والبلوغية إلى المعلومات لدى الحكومات أو المؤسسات المتخصّصة، وبلوغية تقنيات التّواصل البرلمانيّ إلى المستفيدين ومتابعة هذه البلوغية، ومتابعة تطبيق القوانين على غرار المجلس النيابيّ اللبنانيّ الذي أنشأ لجنةً نيابيّةً لمتابعة تطبيق القوانين، وإرفاق مشاريع واقتراحات القوانين بدراسة جدوى، وختاماً التّواصل بين البرلمانات والمجتمع في صناعة التّشريع حيث أنّ الشرعية الاجتماعيّة للبرلمان تنبع من قدرته على التأثير بحياة النّاس.