الغناء بين الرجال والنساء
د. عاكف الزعبي
08-08-2019 12:01 PM
قد يناسب من فترة لأخرى الخروج من مقام الكتابة الجاده الى مقام كتابة الخواطر عسى ان يكون فيها ما يخفف على النفوس عناء التجهم في الحياة العامه الذي يطاردنا جميعاً .
صديق وزميل دراسه وشريك سكن لي في جامعة حلب كان لا يستسيغ اصوات الرجال في الغناء العاطفي ، ويتندر على الذين يطربون لاصوات المغنيين الرجال ، فالغناء العاطفي من وجهة نظره ينبغي ان يكون باصوات النساء فقط . فاصواتهن ارق واعذب واجمل وقعاً على الاذن واقرب الى القلب .
اما الرجال فيناسبهم من وجهة نظره الاحتفاظ باصواتهم للخطابة والقاء اشعار الشجاعة والفخر والقيادة وغناء القصائد الوطنيه . مع ترك غناء قصائد وكلمات الغزل والحب والشجن للنساء ، دور الرجال في نظره يتوقف عند كتابتها واما غناؤها فيترك لشدو النساء .
صديقي كان دائم الاستماع لام كلثوم وفيروز . ظل يسمع " ايظن " و " ما ذا اقول له " و لا تكذبي " بصوت نجاة فقط . لم يسمعها بصوت ملحنها عبد الوهاب ولا بصوت عبد الحليم اللذين ابدعا في غنائها .
واذ بدأ يتسلل الى اذنه وقلبه صوت صباح فخري يصدح بالقدود الحلبيه ومواويلها لم يستطع الا ان يترك الباب موارباً امام صوته . ولما وجد نفسه يعاود الاستماع لصباح ذهب يربط استساغته لغنائه باسمه الذي تتسمى به النساء ايضاً واضاف لاحقاً بان صوت صباح هو مثل اسمه يقع في منزلة بين منزلتين فهو بين صوت النساء وصوت الرجال وهو ما فتح له باباً الى اذنه وقلبه .
لم ألق صديقي قاسم شبول على مدى اربعين عاماً مضت غير مرتين وعلى عجل . وفي المرتين لم يسعف وقت اللقاء كي اسأله عما آلت لديه احوال الغناء العاطفي ، وهل بقي على ما كان عليه لا يستمع لغير غناء النساء مع استثناء خاص لصوت شادي القدود الحلبية الأروع ،أم صار لديه شيىء من الحظوه للغناء العاطفي بصوت الرجال .