حول القرار التفسيري للمحكمة الدستورية ..
د. محمد بن طريف
06-08-2019 11:31 PM
جاء القرار التفسيري رقم 1 لسنة 2019 والمنشور في الجريدة الرسمية العدد 5591، والصادر عن المحكمة الدستورية للإجابة عن سؤال مجلس الوزراء لبيان فيما إذا كانت عبارة ( أن يشترك في أيِّ عملٍ تجاريٍ أو ماليٍ) الواردة في المادة (44) من الدستور، تحظر على الوزير أثناء توليه المنصب الوزاري، أن يكون شريكاً أو مساهماً في أي شركة أو عمل تجاري أو مالي ؟
وحيث ان المادة (44) من الدستور تنص على أنه ( لا يجوز للوزير أن يشتري شيئاً من أملاك الحكومة، ولو كان ذلك في المزاد العلني، كما لا يجوز له أثناء وزارته، أن يكون عضواً في مجلس إدارة شركةٍ ما ، أو أن يشترك في أي عملٍ تجاريٍ أو ماليٍ ، أو أن يتقاضى راتباً من أي شركة).
فقد جاء تفسير المحكمة للمادة ( 44) على النحو التالي "إن محكمتنا ترى أن هذا الحظر على الوزير يشمل كل نشاط تجاري كما سبق وبيناه بما في ذلك المشاركة في أي شركة من شركات الأشخاص أو المساهمة في أي شركة من شركات الأموال وهي شركات المساهمة العامة أو الخاصة بما في ذلك الاكتتاب في أسهمها عند التأسيس أو شراءً للأسهم لاحقاً ومرد هذا الحظر ما سبق وأن بيناه بالنسبة للمنصب الوزاري وألا يكون هناك اعتقاد ان مثل هذا النشاط لو قام به الوزير يمثل الموقف الرسمي للحكومة، مما يخرج الأمور عن غاياتها" .
وفي إطار اجابة المحكمة على السؤال أعلاه ، أكدت أ"ن الوزراء يتمتعون بحصانات سياسية بالقدر الذي يؤهلهم للنهوض بالمهام التي تزداد شعابها وسواقيها في ضوء المستجدات التشريعية، لتتواءم مع مسيرة الإصلاح والتطوير، إلا أن هذه الحصانات تتهاوى إذا أتى الوزير أو الوزراء أمراً إِدَّا ، مخالفاً لأحكام التشريعات النافذة أو نبا سيف أي منهم في إنجاز فعل الصواب."
وحيث أن المحكمة الدستورية عندما تصدر قرارا تفسيرا فإنها لا تنشأ حكما ولا تعدل نصا كان قائما بالأصل ، إنما يقتصر دورها بتوضيح الإرادة الحقيقية للمشرع الدستوري من النص الدستوري .
وحيث أن هذا القرار التفسيري قد كشف عن إرادة المشرع الدستوري في منطوق المادة 44 من الدستور ، فالحالة هذه يتيبن لنا أن الحظر الوارد في هذه المادة اذا تحقق يترتب عليه بطلان كل ما تعلق بتوزير ذلك الوزير ، وان الاستمرار بالحكومة يعرض كافة تصرفاته للبطلان ، سيما وان المشرع الاردني لم ينص على اعتبار مخالفة احكام الدستور جريمة جزائية تستوجب الملاحقة .
والقول بأن الوزير المخالف يستطيع أن يصوب وضعه انسجاما مع النص الدستوري قول يجافي الحقيقة ، لان القرار الدستوري لم ينشأ قاعدة قانونية جديدة او يعدل اخرى كانت قائمة ليستطيع الوزير مجاراة أحكامها .
لذا أرى أن الوزير المخالف لأحكام المادة المذكورة عليه الاستقالة فورا ودون ابطال وذلك لمخالفته احكام المادة ٤٤ من الدستور .