«كن شريفا حتى يقل عدد الاوغاد واحدا»، هذه عبارة ربما قلتها في نفسي ذات قرن مضى، ولم تصدر عن جناب جدي الذي مات إثر حقنة شرجية ساخنة بالملح الإنجليزي لم تمهله طويلا. وانطلقت في دهاليز الحياة متفائلا وفخورا باني نجحت في إنقاص عدد الاوغاد واحدا كاملا.
الآن، وقد بلغت من العمر عتيا، واشتعل الرأس شيبا والقلب حزنا ونكسات ثلاثية المفعول في مجال الحب والصراع الطبقي والأحلام الوطنية، الآن فقط وقد تجاوزت ثلثي الرحلة على الاقل الى عالم الفناء الرائع الخالي من المشاكل والامريكان!!.
الآن فقط، ادرك كم كنت اهبلا ومسخمطا لاني اعتقدت بأني نجحت في انقاص عدد الاوغاد في العالم في ان لا اكون انا وغدا فحسب. الامر ليس قضية حسابية- كما توهمت - ما ينقص هنا يزداد هناك.. هذا من جهة، اما من جهة ثانية فانا اصلا لم اكن وما ازال لا املك امكانية التحول الى وغد بالطول والعرض والضمير الأسود وشجاعة ان تكون وغدا بلا هوادة، دون اكتراث بآراء الاخرين.
الآن فقط ادرك بان الاوغاد والانذال في العالم يزدادون في متوالية هندسية بينما يزداد الشرفاء في متوالية حسابية، وربما تكون سلبيتي احد الأسباب لذلك....... وشتان شتان.
لا بل انه اصبح للاوغاد دولة عظمى تحميهم وتحرك من اجلهم السفن وحاملات الطائرات والصواريخ العابرة للانسانية دولة تقتل ابناءها من اجل حماية اوغاد العالم وتحقيق الخير العميم للاوغاد في كل مكان وزمان، على حساب المساكين امثالي ..سواء كانوا دولا او افرادا.
انا في استراتيجيتي الطفولية لم افعل سوى زيادة عدد المساكين واحدا وبالتالي المساهمة الفعلية في تفريخ الاوغاد الدوليين!!.
الدستور