الأردن في تاريخه القديم لم يكن مجرد هضاب وجبال وصحراء متعثرة خاوية وجافة، ولكنه كان حيزا جغرافيا احتضن أعظم الممالك والدول من الدولة النبطية الى المؤابية. ولعب أدوارا سياسية هامة في التاريخ. مستشرقون ومؤرخون ومنهم عرب يصورون في كتاباتهم عن الأردن بخيال جاف وعدمي تاريخيا وحضاريا.
التشكيل الجيولوجي للأردن، جبل وشفا جبل ووادٍ وغور وصحراء. العشائر سكنت الصحراء والبادية، وبقيت على حواف الصحراء، ومحاذية للجبال، و تقابلها في عيش ضنك وصعب وقاس، يتحدى الطبيعة والجغرافيا، وتقلبات السياسية والتحالفات والحروب في اقليم عاصف بالازمات والصراعات، ولم يهدأ يوما من الايام .
الدولة الأردنية مرسومة على الخرائط منذ آلاف السنين، دولة من معان الى الرمثا، والمفرق شرقا والاغوار غربا ومرسومة بحدود نهر الاردن . دون انقطاع على مدار التاريخ، والاردن لحمة واحدة من البادية الى الوادي والجبل والغور. حيث التقي الرعي والزراعة والماء والخضرة، ووحدة النمطية الانتاجية، والتحول الاجتماعي -الاقتصادي.
من الاغوار شمالا الى الجنوب، فمدن الاردن تحظى بذات المطابقات الجغرافية والاجتماعية والاقتصادية، من الغور الى شفا الجبل الى الجبل، ورميا نحو الصحراء. من الكرك الى اربد والسلط وعجلون، سلاسل مدن شاهقة فوق رؤوس الجبال، وانفتاح نحو صحراء ممتدة الى ديار الشام والعراق والحجاز.
لم يكن هناك يوما فاصل بين الجبل والصحراء الاردنية. في محاربة الاستعمار التركي، وقف الاردنيون الاحرار في ثورتهم الاولى بالكرك صفا واحدا ضد الاتراك، كركية وغيرهم، ورسموا ثورة انهت حكما استعماريا اجنبيا، ورسمت عقدا سياسيا واجتماعيا لمشروع بناء الدولة الوطنية.
في التاريخ القديم فان الانباط بنوا دولة على امتداد اجتماعي وجغرافي تعدى الاردن المرسوم حاليا على خرائط الجغرافيا السياسية ، من البترا الى تبوك وتدمر. العقبة كانت أول ميناء داخلي للأردن في العهد النبطي.
و سياسيا امتدت الدولة النبطية الى دمشق، وفي عهد المملكة الغسانية كان شرق الاردن مراحا وحصنا. وزادت الاهمية بعد الاسلام، وتحديدا في العصر الاموي، وكان جزء منه مقرا للخلافة الاموية، وقصور الصحراء في البادية الشرقية شواهد.
استنطاق التاريخ يبعث على الأمل والثقة. ولربما أن الشخصية الأردنية بأمس الحاجة الى مقاربات سياسية وثقافية واجتماعية، ولنقل بصراحة وضع ابجديات تاريخية لوطنية أردنية.
الدستور