تحدثنا سابقا بأن السودان يسير بخطى نحو تحقيق اهداف ثورته الا ان البعض خالفنا وقتها مشككا بنجاح الثورة مراهنا على انزلاقها الى الفوضى.
وها نحن نعيد الكرة مرة اخرى بعد ان اتسعت مساحة التوافق كثيرا بين المجلس العسكري وقوى الحرية والتغير ولا «
نقول الفرقاء « في الوقت الذي ضاقت به مساحات الاختلاف الا بعض الرتوش والامور الفنية والاجرائية ان لم تختف اصلا.
وانطلق الطرفان نحو بناء هياكل الدولة الحقيقية السياسية والتشريعية والتنفيذية على قواعد صلبة غير قابلة للكسر او الانهيار مستقبلا، لان اعمدتها قوية تدعمها صدق النوايا بين الاطراف دون اطماع او غدر، مخالفة كل التوقعات والمراهنات راسا على عقب، فما ان تنهي محورا، تنتقل المفاوضات الى اخر دون ابطاء او مماطلة .
فبعد الاتفاق على تشكيل المجلس السيادي الذي سيحل بعد الانتهاء من جميع الهياكل ومكونات الدولة الحقيقية، الامر الذي يعتبر ضمانة حقيقية نحو سودان جديد، حيث شكل موضوع الاتفاق على الحل موقفا لم يتوقع ان يتم بسهولة، مما يشي بأن النوايا صادقة الامور تسير بالاتجاه الصحيح.
فبعد المجلس العسكري والحكومة المدنية والمجلس التشريعي والوثيقة السياسية والدستورية، دخل محور اخر لا يقل اهمية عن سابقيه وهو السلام ووقف جميع اشكال الحروب والاقتتال باشراك المجالس الثورية التي تعتبر جزءا من قوى الحرية والتغيير.
ان هذا ما كان ليتم لولا ارادة الشعب الحقيقية، وثورتهم السلمية الخالية من العنف او التخريب التي ابهرت العالم، فلم نسمع عن اي عملية سطو او تدمير للممتلكات، لان الحركة كانت شعبية داخلية تعكس ارادة الشعوب التي لا تقهر، منطلقين نحو سودان ينعم بالحرية والعدالة والمساوة، بعد سنوات من القهر والاقصاء على الرغم من الفصائل المسلحة المنتشرة في السودان والحروب التي كانت دائرة بين الشعب والقبائل، الا ان الغريب توقف كل ذلك اثناء الثورة، مما يطرح سؤالا عريضا لا نريد ان نخوض في تفاصيله.
فأسمعت حركتهم السلمية العالم صوتهم، لتفرض واقعا دوليا لا مفر منه، بعد ان راهن الجميع على السودان الذي يعيش عزلة وعقوبات دولية، وتمزفا وحروبا داخلية واوضاعا اقتصادية ومعيشية صعبة، منطلقين من المثل التركي «الطفل الذي لا يبكي لا يعطى الحليب».
لذلك فان الحالة السودانية ستشكل لمرحلة جديدة وتعتبر الطبعة الثانية للربيع العربي، استمرارا للاولى اي الثورة التونسية التي انطلقت شراراتها في نهاية عام 2010.
بقواعد وعناصر جديدة وادوات مختلفة حققت اهدافا افضل ووفرت ظروفا اكثر ملائمة للحاضر والمستقبل لتهيئ الفرصة لنسخة ثالثة.
الدستور