سلطنة عُمان على مشارف يوبيل نهضتها الذهبي
السفير الدكتور موفق العجلوني
04-08-2019 12:09 AM
بعث جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين حفظه الله ببرقية تهنئة الى اخيه جلالة السلطان قابوس بن سعيد قبل أيام هنأ فيها جلالته بمناسبة الذكرى 49 لانطلاق "مسيرة النهضة العمانية الحديثة" بقيادة السلطان قابوس بن سعيد، متمنياً لجلالة السلطان قابوس موفور الصحة والسعادة والشعب العماني الشقيق المزيد من التقدم والازدهار. وهذا يدل على العلاقات التاريخية والطيبة بين البلدين والشعبين الاردني والعماني الشقيقين والقيادتين الحكيمتين.
يأتي احتفال سلطنة عمان بهذه المناسبة الوطنية تعبيراً عما حققته سلطنة عُمان على مدى نصف قرن من أمن و استقرار و تقدم و ازدهار بفضل السياسة الحكيمة التي انتهجتها على الصعيد الداخلي و على صعيد المنطقة و على الصعيد الدولي و خاصة ان عُمان تقع في منطقة متوترة تسودها العديد من التجاذبات الاقليمية و الدولية و التدخل في الشؤن الداخلية للدول ، حيث استطاعت عُمان بفضل السياسة الحكيمة لجلالة السلطان قابوس بن سعيد ان تبعد كلياً عن هذه التجاذبات ، الامر الذي وضعها في موقف بحيث تكون قادرة على لعب دور ايجابي في المساهمة في حل الصراعات في المنطقة و ان تكون عامل خير في وقف الحرب و تعزيز الامن والسلام في ضوء التقاء مصالح العديد من القوى الاقليمية و الدولية في خليج عُمان و الخليج العربي .و خاصة ان السياسة العُمانية اتسمت مواقفها بالحياد وبناء جسور من العلاقات الطيبة مع كافة دول العالم، و هذا ساعد على تحقيق الأمن والاستقرار لسلطنة عمان على مدى الخمسين سنة الماضية .
بنفس الوقت استطاعت السياسة الحكيمة لسلطنة عُمان تحقيق العديد من الإنجازات على الصعيد العربي والإقليمي والدولي، واكتسبت ثقة اللاعبين الكبار على مسرح السياسة الدولية، حيث اتسمت هذه السياسة بعدم التدخل في شؤون الغير، ورفض تدخل الغير في شؤون السلطنة وشؤون دول مجلس تعاون الخليج العربية، والعمل على استقرار المنطقة في الخليج ودول الجوار، ودعم الامن والسلم الدولي. وبالتالي هذه السياسة اكسبت عُمان ثقة ومكانه مع شقيقاتها الدول العربية وخاصة دول الجوار ودول المنطقة ودول العالم. واستطاعت خلال هذه السنوات بناء دولة حديثة بالرغم من محدودية الموارد الاقتصادية.
هذه المعطيات التي اوصلت عمان الى نهضة شاملة على الصعيد السياسي والاقتصادي والاجتماعي، واكتسابها احتراماً وتقديراً كبيرين على الساحة الدولية، الامر الذي يتطلب من سلطنة عمان لعب دور ايجابي أكبر بما يتعلق اولاً بالقضية الفلسطينية والتأكيد على احلال السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين استناداً الى قرارات الامم المتحدة بحل الدولتين واقامة الدولة الفلسطينية القابلة للحياة على حدود الرابع من حزيران ١٩٦٧وعاصمتها القدس الشرقية وحق العودة للاجئين الفلسطينيين، هذا من جهة. ومن جهة ثانية لعب دور أكبر بما يتعلق بالحرب المشتعلة في اليمن وبذل الجهود المخلصة لأقناع إيران بالتوقف عن دعم الحوثين والانسحاب من الجزر الاماراتيه الثلاث، ولعب دور توفيقي بين الجهات اليمنية المتحاربة والوصول الى توافق يمني يمني مع الحكومة الشرعية، والدعوة الى ان تكون منطقة الخليج العربي منطقة سلام وامن وتجنب الملاحة البحرية في مضيق هرمز اية عقبات او مخاطر.
هذه مناسبة طيبة وسلطنة عمان على مشارف الاحتفال في يوبيل نهضتها الذهبي قادرة بحكمة جلالة السلطان قابوس والقيادة العمانية ان يكون لها دور مسبوق في امن الخليج العربي واحلال السلام والامن بالتعاون والتنسيق مع المملكة العربية السعودية ودولة الامارات العربية المتحدة ومملكة البحرين ودولة الكويت ودولة قطر من جهة والجارة جمهورية إيران الاسلامية من جهة اخرى، والتركيز على حسن الجوار وعدم التدخل بالشؤن الداخلية لأي من دول الجوار.
فى ضوء تحقيق ذلك يمكن أن يكون في منطقة الخليج نهضة شاملة تصب في امن واستقرار ونهضة وتقدم منطقة الخليج خاصة ومنطقة الشرق الاوسط عامة ، اضافة الى اقامة علاقات جوار عربية ايرانية مبنية على الاحترام المتبادل و عدم التدخل بالشؤون الداخلية للدول ، الامر الذى يسهم اسهاماً غير مسبوق في بناء علاقات طيبة و في كافة المجالات ، لان ايران تبقى جار شقيق لها تاريخ عريق و حضارة اسلامية لها بصمات في التاريخ الاسلامي ، و يمكن ان تكون شراكة خليجية عربية ايرانية تساهم في التقدم الحضاري في هذا العالم و تجنب كل منطقة الشرق الاوسط التدخلات الدولية ، و هذه التدخلات الدولية تسعى بالدرجة الاولى لمصالحها الخاصة على حساب المصالح العربية و الايرانية في آن واحد و شعوبها على حد سواء .
نتطلع ان تكون منطقة الخليج العربي منطقة امن وخير وسلام ليس للمنطقة فحسب بل للعالم بأسرة وان تتمتع كل من إيران ودول الجوار برفاه اقتصادي واجتماعي من خلال التركيز على مصلحة ورخاء واستقرار شعوبها بعيداً عن الدخلات الخارجية في شؤون دول الجوار الامر الذي يعطي المبررات للاعبين الكبار التدخل في المنطقة وابتزاز خيراتها ومقدراتها.
من خلال هذه المناسبة النهضوية لسلطنة عمان، نتطلع الى ان يعم الامن والامان والتقدم والازدهار والنهضة الشاملة في جميع مناحي الحياة لكل بلداننا العربية والاسلامية وعلى رأسها دول مجلس تعاون الخليج العربية وجمهورية إيران الاسلامية والعالم اجمع. ويمكن لسلطنة عمان بما اوتيت من حكمة وعلاقات جوار طيبة على الصعيد الخليجي والعربي والايراني وعلى مستوى العالم ان يكون لها دور خير في المنطقة، وان نحتفل في العام القام بالنهضة الذهبية لسلطنة عُمان وللمنطقة باسرها، وان تعود علاقات الاخوة والصداقة وحسن الجوار الى أبهى واصدق معانيها. مختتماً كلامي بهذه المناسبة بقوله تعالي بعد بسم الله الرحمن الرحيم: “يا ايها الذين امنوا، انا خلقناكم من ذكر وانثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا ان اكرمكم عند الله اتقاكم”. صدق الله العظيم.