حديثنا ليس عن علاقه الدوله مع كيان الاحتلال ،فهي علاقه في أشد مراحلها بروده سياسيا ،لكننا نتحدث عن علاقه الناس مع الإسرائيليين حيث نسمع تصريحات من بعض الإسرائيليين يقولون فيها ان الأردنيين يكرهونهم .
وما هو مؤكد ان هناك أشخاص او فئات لها علاقات ومصالح مع الإسرائيليين وهذا في الأردن كما هو في فلسطين، أشخاص وفئات تلتقي بهم وتشاركهم مناسباتهم سرا وعلنا ،والبعض لهم خطوط امنيه وسياسيه مع المحتل ،وقد تراه في العلن صاحب صوت عال في شتم الاحتلال ،وهناك أيضا العاملون لدى جهات امنيه إسرائيلية .
وفي إطار المصالح هنالك شركات تعمل وتتعاون مع الاسرائليين ،فيكون التصدير والاستيراد ونشاطات أخرى ،وحتى ما نسمعه مثلا عن فاكهه معينه بأنها مستورده من كيان الاحتلال فإن من يستوردها تجار من القطاع الخاص،وكل عاملين في قطاع يعلمون من له علاقات مع الإسرائيليين او يقدمون لهم الخدمات ،والأمر ليس سرا ولا يتم بأوامر حكوميه بل هو السعي للمصالح والمال.
لكن مشكله إسرائيل ليست مع يرفضونها سياسيا ،لأن الرفض السياسي انكسرت حدته ليس فقط بتوقيع اتفاق أوسلو والاتفاقيات الأخرى بل بطبقات من السياسيين في المنطقه اعتقدوا أن بوابتهم للنفوذ عبر تل أبيب ، ولم يفرق هؤلاء من علاقه الدول الرسميه وبين العلاقات الشخصيه والسهر ليلا مع قاده كيان الاحتلال او علاقات اقتصاديه ،وهذا الأمر كان من اكثر من عاصمه لكن أكثره تأثيرا ما كان من قيادات السلطه الفلسطينيه .
في الأردن هنالك موقف رسمي فاوض مثل الدول العربيه الأخرى وعقد معاهدة ،وهذا الأمر لم يكن محل إجماع أردني شعبي ،فهناك من يرفض الأمر من حيث المبدأ ،وهناك من يقبل فكره السلام لكنه لا يثق بكيان الاحتلال ،وهناك من أعتقد أن السلام قد يفتح باب الرخاء الاقتصادي ،وهنالك ضمير الاردنيين الذي يشترك فيه الجميع باستثناء من ارتبطت مصالحهم الاقتصاديه والأمنية مع إسرائيل ،هذا الضمير الذي تبقى صور شهداء الاردن في فلسطين حاضره في ذهنه ،ولا تغيب عن ذهنه بطولات الجيش ولا إجرام الاحتلال ،ويحب ذكرى معركه الكرامه وباب الواد واللطرون.
هذا الضمير الجامع للاردنيين لا يرى في نصوص معاهدة السلام ما يجبر أحدا على حب الإسرائيليين او الثقه بهم ،وأن العلاقات الرسميه التي تقيمها الحكومه لا تعني صك غفران لهذا الكيان ،ويعزز هذه القناعات السياسات الصهيونية التي لم تتوقف في إفشال كل جهد للسلام والتفافها على حقوق الفلسطينيين التي نصت عليها الاتفاقات ،وأيضا ما تفعله إسرائيل كل يوم في المقدسات.
اذا تجاوزنا من ارتبطوا بإسرائيل في عالمنا العربي من تجار البضائع أو السياسه او من وقعوا في مخالب الموساد طوعا وكرها ،فإن الإسرائيلي إنسان لا يصلح ان يكون شريكا لأحد في منطقتنا والعالم ،فالخوف يسكنه من السلام الحقيقي أكثر من الحرب ،والعدوانيه هي الطريقه الأهم التي يستعملها لتوفير ما يسمى أمن إسرائيل، وحتى الفئات التي تؤمن بالسلام الذي يعيد الحقوق فإنها اليوم الخصم الأول لكيان الاحتلال لأنه صنع فيها الإحباط وقتل كل ما سعت إليه.
حين يقول اي إسرائيلي ان الأردنيين لا يحبوننا فإن هذا هو المنطق لأن كيان الاحتلال لم يخدم معسكر السلام ولم يلتزم بالحق الفلسطيني ،واستمر في سياسته العدوانية ولهذا لن يجد من يحبه إلا تجار السياسه او الاقتصاد الذين لا ذاكره لهم إلا حساباتهم الماليه او طموحاتهم السياسية.