اليهود في البلدان العربية
أمل محي الدين الكردي
03-08-2019 03:44 PM
عندما صدر قرار مجلس الامن في 27 أيلول 1968 الذي يطلب فيه من السكرتير العام للأمم المتحدة ايفاد مندوب عنه للتحقيق في المعاملة السيئة التي يلقاها سكان المناطق العربية التي احتلتها اسرائيل في حرب حزيران عام 1967 ,رفضت اسرائيل السماح لمندوب السكرتير العام بالدخول الى الاراضي العربية للتحقيق في اوضاع اليهود في البلاد العربية , ثم اخذت اسرائيل والاجهزة الصهيونية في تضليل العالم بشنها حملة مسعورة تدعي فيها ان البلاد العربية تضطهد اليهود فيها .
وهذا الموضوع جعلني أن اشير اشارة سريعة ولكنها كافية للدلالة على بعض النقاط .
ومثال على ذلك ان اليهود تقلدوا مناصب عالية في الاندلس ومارسو التجارة بحرية وشاركو في الحياة الثقافية :فأستوزر عبد الرحمن الناصر والحكم الثاني حسداي بن شيروط (1945-1970) ,واستوزر الامير حبوس في غرناطة الأديب صمؤئيل بن نجد له 1024م وكان اليهود مضطهدين تحت حكم القوط ومعاملة العرب الممتازة لليهود جعلتهم يقبلون على دراسة اللغة العربية والثرات العربي وغيرها من الامثال كثيرة على من نبغ منهم وعندما خرج العرب من الاندلس تعرض اليهود للأضطهاد فألتجاؤ الى العرب في شمال افريقيا وشرق البحر المتوسط وهكذا نرى العرب لم يكونوا في يوم من الايام يفرقون بين المواطنيين بسبب جنس او دين بل كانوا يفتحون صدورهم للوافدين عليهم والمحتمين بهم .ولا يختلف الامر في الحاضر عن الماضي فقد عمل اليهود في شتى مجالات الميادين وفتحت الابواب لهم وجمعوا الثروات الضخمة وكان منهم الوزراء مثل يوسف القطاوي في مصر والدكتور بنزاكين في المغرب واندريه بسيس واندريه باروخ في تونس وكان منهم ثلاثة في المجلس التأسيسي بعد الحكم الذاتي في تونس ولا يختلف الحال في البلاد العربية بالنسبة لليهود في مصر والمغرب وتونس ولكن رغم هذه المعاملة سخروا أنفسهم لخدمة اطماعهم الصهيونية وذكر الصحفي اليهودي الامريكي حاييم شوتكي في محاضرة نقلتها جريدة عال همشمار الاسرائلية بتاريخ 1251963 انه زار البلاد العربية وقابل في بيروت مدرساً يهودياً فسأله هل يتعلم الطلبة اليهود في مدرسته في بيروت نشيد الهاتكفاه نشيد اسرائيل الرسمي؟ فأجابه المدرس انهم لا يتعلمونه كشعر او نشيد بل نحن نلقنهم اياه كصلاة يردوونها كل صباح .!!
وقد أنشا اليهود العديد من المدارس والمؤسسات والجمعيات واصدروا الصحف والمجلات التي كانت تدعوا لاراء الحركة الصهيونية ومنها صحيفة الرسول الصهيونية ومجلة مصر الصهيونية ومجلة الشمس والمنبر اليهودي وقد اثبت مصرع اللورد ولتر موين وزير الدولة البريطاني في القاهرة بتاريخ 6تشرين الثاني 1944مدى تعاون يهود مصر مع غلاة الصهيونية وعصابة شتيرن الارهابية وعلى الرغم من كل هذا فان عدوان 1948 واعلان دولى اسرائيل واحتلال البلاد العربية لم ثؤتر على اضاع اليهود في مصر كما كفلت ثورة عام 1952 المساوى للجميع المواطنين ولكن يهود مصر ردوا المعاملة بالاساءة البالغة فأكتشفت خلايا التجسس الخطرة حيث كان يهود مصر يسافرون الى اوروبا ومنها الى الارض المحتلة وهناك يدربون على التجسس على الدولة التي رعتهم ويكفي ان أشير ان تلك القضية التي عرفت في تاريخ التجسس باسم قضية لافون .ولافون هو اسم وزير الدفاع الاسرائيلي في وزارة شاريت .
وعلى الرغم من كل هذا فان اجهزة الاعلام الدائرة لم تكتفي عن تردد ان اليهود مضطهدون في البلاد العربية وهنا تصدى على هذه الحملة المسعورة الكاتب اليهودي الفريد ليلينتال فقد زار مصر واستجوب كثير من اليهود وبعدها عقد مؤتمر صحفي في 10كانون الثاني 1957 وما قاله ان هذا المؤتمر ردا على مجلة تايم الامريكية بتاريخ 311956 من ان مصر اجبرت 30,000 يهودي على مغادرتها غير صحيحة وما قامت به مصر من اجراءات لاسباب تتعلق بالامن وهي اجراءات تشبه ما تم اتخاذه في الولايات المتحدة الامريكية عندما هوجم ميناء بيرل هاربر حينما لم تكتفي باعتقال اليابانيين بل اعتقلت كل من اصل ياباني وختم تصريحه بقوله :اني مقتنع بانه لا يوجد اضطهاد عنصري ضد السامية في مصر وأدلى حاخام مصر الاكبر في حينه حاييم ناحوم افندي بتصريح قال فيه :انه لا صحة لأدعاءات اسرائيل بان مصر تضطهد اليهود واكد انه لا يحق لقادة الصهيونية ان يتحدثوا باسم يهود مصر .
وقال الرئيس جمال عبد الناصر في حديث ادلى به الى سولز برجر ,مراسل صحيفة نيويورك تايمز في شهر اذار 1969 ان في مصر حوالي خمسة الآف منهم نحو مائة محتجزين لانهم صهيونيون ولهم صلة باسرائيل وهؤلاء اعتقلوا بعد الحرب الخامس من حزيران 1967 اما اليهود الاخرين فانهم يستيطعون مغادرة البلاد اذا أرادو وهم في مصر كمصريين لهم كل الحقوق التي يتمتع كل المصريين وأشار الرئيس الى ان اسرائيل تعتقل الاف من الاراضي المحتلة وينسى العالم هذا ثم يتحدث عن القلة القليلة التي اعتقلت يهود مصر مع انها اعتقلت لأسباب سياسية. وفي نيسان 1969م ادلى الرئيس للتلفزين الفرنسينحن لم نفرق بين العربي المسلم او المسيحي او العربي اليهودي بل ان المسلمين والمسيحيين واليهود عاشوا جنبا الى جنب في هذه المنطقة من العالم لقرون طويلة دون اي خلافات حتى اتت الخلافات الاخيرة بين اليهود من جانب والمسلمين والمسيحيين من جانب اخر بسبب انشاء وطن قومي لاسرائيل .
فالعرب الذين تركوا وطنهم فلسطين انما تركوه بسبب الاعتداءات المسلحة التي كان تشنها القوات الاسرائلية عليهم بينما من تركها راغباً من اجل خدمة مخططات الصهيونية العدوانية ليقيم في وطن غير وطنه وفي دار لم يعمرها .ان هذا المقال هو يكشف عن الغاية في وجودهم بالبلاد العربية والحقيقة التي اصابت عرب فلسطين والوطن العربي بكامله قد اصابها الضرر البالغ من جراء الغزوة الصهيونية الاستعمارية التي اغتصبت جزء من وطنهم وهي ما زالت تهدد وجودهم اليوم وغدا .نتمنى ان يعاملوا كما يعاملوا العرب والفلسطيين .
اليهود اليوم عيون اسرائيل بين العرب وما دعاني ان اكتب هذا المقال رؤيتهم في البتراء أما اختياري للعنوان فكان عنوان للكتاب قديم نشر عام 1970م للاستاذ يعقوب خوري وهو احد كبار موظفي جامعة الدول العربية في حينه والذي احتوى على وثائق وصور وارقام موثقة.