مقام النبي هارون .. من اكاذيب الأسطورة إلى صخرة جابر
محمود الزيودي
03-08-2019 01:05 AM
أتحفتنا وكالة عمون الاخبارية بخمسة وعشرين صورة فوتغرافية لعشرات اليهود على ما يسمى بمقام النبي هارون فوق واحدة من أعلى قمم البتراء .. تبدو في الصور طقوس يهودية مع أدواتها من كتب وأبواق وأوشحة الصلاة المشهورة لدى المتدينين اليهود ... ويبدو من الطقس الديني وعدد الزوار في الصور أن مقام هارون هو أثر ديني اسرائيلي لا بد من زيارته والصلاة فيه ... واليهود من أكثر خلق الله اختراعاً للمقامات والأضرحة والآثار التي يتشبثون باختراعها ونسج الأكاذيب عنها ..
ولنأخذ يعقوب أبو حصيرة مثالا لنماذج كثيرة ... هو حاخام يهودي من أصل مغربي غادر وطنه لزيارة فلسطين إلا ان سفينته غرقت في البحر وتعلق هو بحصيرة ( ليس خشبة او بالون ) قادته إلى سوريا وبعدها زار فلسطين وقرر العودة إلى المغرب عن طريق مصر ... لم يصل المغرب لأنه مات في بلدة دميتوه بمحافظة دمنهور ودفن هناك ... تحول قبره الى ضريح بأسوار وأصبح محجا لليهود الاوروبيين القادرين على زيارة مصر قبل معاهدة كامب ديفيد ... أما بعد الصلح فقد تحول الاحتفال بمولد ابو حصيرة الى تظاهرة يهودية ضمت أثرياء تبرعوا لشراء الأراضي حول المقبرة واقامة سور حول الضريح ليتسع الى مئات المحتفلين كل عام لمدة سبعة ايام .. تبدأ مع نهاية السنة الميلادية وتنتهي في اليوم الثاني من السنة الجديدة ظ ... الاحتفال يشمل الجلوس عند المقبرة والبكاء وتلاوة أدعية دينية وذبح الأضحيات عند الضريح حسب الشريعة اليهودية ... غضبت الوطنية المصرية وانتصر لها القضاء بالغاء الاحتفالات واسترجاع الأرض كونها مملوكة للدولة والغاء قرار وزير الثقافة 2001 باعتبار قبر ابو حصيرة أثرا تاريخيا وشطب التصنيف من سجلات لجنة التراث العالمي بمنظمة اليونسكو... ولم نعد نسمع عن احتفالات مولد ابو حصيره منذ ذلك الحين ... يعود تاريخ مقام النبي هارون في البتراء الى احتفالات العرب الأنباط بالإله ذو الشرى وتقديم القرابين له في أكثر من مكان في البتراء سمي المذبح ... بعد احتلال روما لعاصمة الأنباط ودولتهم تحول الاحتفال من الإله ذو الشرى الى الإله زيوس الروماني ... استمرت هذه الاحتفالات في العصر الاسلامي كطقس شعبي موروث يمارسه سكان البتراء ووادي موسى .. كان المماليك دائمي الحركة بين الكرك ومصر وكانت الشوبك والبتراء والعقبة من مناطق نفوذهم ... وقد اشتهر المماليك بتقديس الأولياء ومقاماتهم مثل سكان المنطقة ... في عام 1326م، قام محمد الناصر بن قلاوون الشركسي ببناء مسجد ومحراب على انقاض مصلى شيده الظاهر بيبرس الكازاخستاني عام 1264م ... (النائب سعود ابو محفوظ، عمون 2/8/2019 )
معروف عن الأردنيين مثل كل العرب أنهم يخترعون الأولياء ومقاماتهم من الشخصيات الطيبة التي تؤثر فيهم .. بعد موت الرجل يصنعون من قبره مقاما يكبر ويصغر حسب رغبة الناس والأساطير التي تمجد ذلك الولي .. فهو يشفي المرضى ويساعد العواقر على الانجاب ... وبلغ من تقديسه انهم يقسمون الإيمان عند الضريح هروبا من جريمة قتل أو سرقة ... وقد تحدث المعمرون من ابناء السلط عن حكاية الحراث الذي ترك العود والسكة في أرضه طالما يحرسها النبي شعيب ... في الصباح عاد للحراثة ولكن العود اختفى ... عاتب الرجل سيدنا شعيب وكفر بقدراته الأسطورية ... في اليوم التالي وجد عود الحراث مكانه فاعتذر من شعيب الذي أعاده له ... يضيف السلطيون أن السارق أصيب بعارض صحي ظنه عقاباً من صاحب المقام فأعاد العود الى أرض الحراث ... عام 1812 زار السويسري يوهان لودفيك بيركهارت مقام النبي هارون بعد أن اقنع مرافقه انه يريد نحر اضحية لصاحب المقام .. ولكن النمساوي الويس موزيل يقدم وصفا للمقام معتمدا على الحكايات الشعبية ... تروي القصة أن هارون عليه السلام توفي على قمة جبل يبعد مسافة مسير ثلاثة أيام إلى الشمال الغربي من جبل هارون الحالي .. ثم جاء طائر ضخم وحمل الجثة على ظهره وحلق به باتجاه الشرق . بعد فترة بدأ الطائر يشعر بالتعب وحط على قمة جبل ليأخذ قسطا من الراحة . ولكن الجبل انزلق من تحت أقدام الطائر مما أجبره على استكمال مسيره ولم يستطع الوقوف إلا في منطقة تسمى عين الويبه ( الأصل الغويبّة من غبّ الابل وورودها الماء ) ليستريح هناك قليلا ويروي عطشه .. ثم طار ثانية حتى استراح على قمة جبل هارون حيث بقيت قمة الجبل صامدة ولم تنزلق من تحت أقدامه وبهذا استطاع الطائر أن يضع جثمانه هناك ولكن جثمانه لم يلمس الأرض أبدا .. حيث انفلق الصخر وأحاط بالجثمان ثم أطبق الصخر مرة أخرى على جثمان ذلك النبي . في تلك الأثناء انطلق نور ساطع من تلك القمة إشارة إلى أهل المنطقة بأن هناك شخصا مقدسا قد توارى جثمانه في ذلك المكان .. وعليه قام السكان المحليون ببناء ضريح لهذا النبي في ذلك المكان .. وبعد ذلك ومن أجل أن يحتفظوا بذلك الجثمان المقدس قاموا بحفر الصخر حتى وصلوا الى الجثة وبنوا حولها تابوتا من الرخام ( مارغريت موري في كتاب البتراء مدينة ايدوم الصخرية ترجمة الدكتور سعد الطويسي )
حتى الستينات من القرن الماضي تتردد اسطورة بن العزازمة والسعيديين والبدول تقول : ان النبي هارون كان مدفونا بجانب عين الغويبه ... بالجانب الغربي من وادي عربة الذي يواجه منطقة الضحل .. وكانت عين الغويبّه موردا للابل .. انزعج هارون من رائحة الأبل وطار من جانب العين الى مكانه العالي على قمة جبال البترا .... كان عربان البدول وبعض من عربان وادي موسى يقيموا احتفالا خاصا عند المقام هذا .. يذبحون فيه الذبائح ويمضون ليلة صيف حول المقام يتبركوا به ويناشدون القوى الغيبية ان تحل لهم مشاكلهم وتعافيهم من الامراض وتبعد عنهم المصائب والشرور .. وهكذا استغل المستشرق بيركهارت تلك الطقوس لزيارة مقام النبي هارون فقد اشترى عنزا واخبر دليله انها نذر للنبي هارون ... الدليل صدّقه خوفا من النبي هارون اذا منع السائح من زيارته بالنذر ... وهكذا تمكن المستشرق من زيارة الضريح ... اعتمد اليهود على الأسطورة التي لا يمكن تصديقها علميا لاثبات يهودية بعض الاماكن المهمة لهم كما هو الحال في قبر المغربي يعقوب أبو حصيرة الذي عام في البحر على حصيرة ... وقبر هارون الذي طار هربا من رائحة الإبل في الغويبه . أو حمله طائر من مسافة سفر ثلاثة أيام من مكان موته الى البتراء . وهم يخترعون الأكاذيب ويروّجون لها بالحكايات والأساطير لاثبات يهودية البتراء .. فحينما سمحت معاهدة السلام لهم بدخول المملكة وزيارة مقام النبي هارون . ادخلوا معهم ملابسهم الدينية لإقامة صلوات عند مقام النبي هارون .
تصدت لهم وزيرة السياحة والآثار السابقه السيدة مها الخطيب ووضعت حدا لوقاحتهم . وكانت صارمة في التصدي لهم لدرجة اضراب وكلاء السياحة الاسرائليين وقيام سفير الاحتلال بتقديم شكوى ضدها للحكومة، فقامت برفع رسوم دخولهم للبتراء كونهم لا ينفقون فلساً واحداً. واشارت الخطيب الى أن موقع النبي هارون ليس موقعاً دينياً إنما هو موقع أثري . كما أكدت مشاهدة كثير من الاسرائيليين يدفنون قطعا تبدو اثرية عليها كتابات عبرية في مواقع عدة مثل وادي بن حمّاد في الكرك وفي البترا وفي طبقة فحل . وقالت، "قبضنا عليهم بالجرم المشهود". وأضافت بأن الفكر التوسعي الصهيوني لا حدود له . هم يريدون إقناع العالم بأن أي مكان مروا منه ولو لليلتين في غابر الأزمان هو من حقهم . وهذا يقودنا إلى أكاذيب نص فلم جابر والصخرة كما كتبنا عنه .
عمون 31/7/2019 .. ترى لماذا البتراء في الاحتفالات الحديثة وفي الفيلم الذي كادت كاميرته ان تبدأ التصوير لولا وعي الفنانين الاردنيين .. ضحوا بخبز اولادهم حتى لا يلوثوا ضميرهم وشرفهم بايصال اكاذيب اليهود للمشاهد الامريكي والاوروبي ... ولطالما ارسل اليهود افكارهم للعالم عبر السينما والتلفزيون ... ولطالما وجدوا طابورا خامسا من معلقين واشباه كتاب يهاجمون نقابة الفنانين واعضائها الذين انسحبوا من العمل في الفيلم .. هلليلويا ثم هلليلويا