القطامين يكتب: فعلى اَي جانبيك تميل ..
د. نضال القطامين
02-08-2019 11:21 PM
وسوى الروم خلف ظهرك، روم...ودُهاة وكاذبون، لا يمكن الوثوق بهم ولو ارتَدَوا مُسوحَ الوعّاظ وثيابهم.
وسوى الروم، أمامك، رومٌ غيرهم، أينما التفتَّ، أيها الوطن المتعب بالإِباء والمثقل بالتاريخ، لا تجد سوى سماسرة وأحفادٍ نجباء لزعماء أسواق النخاسة.
وقد أهلك الرومُ الحرث وأتبعوه النسل، ثم جاءوا يذرعون البلاد طولها والعرض، ويهيّئونها للفلاحة، متوكئين على بذار كوشنريه، وقد ابتغوا في البترا مجدا غير تليد ليقيموا صلواتهم في القمة التي تحمل قبر النبي هارون، وليبتغوا من وراء ذلك قمحا وسنابل طلعها رؤوس الشياطين.
أخطأ حَدْسهم حين خرج الهواء من "قرونهم" عزفا نشازا، وظنّوا أنها غفْلة النواطير عن بشِم الثعالب، ثم جاسوا في الديار، وازيّنوا واخذوا زخرفهم وظنّوا أنهم قادرون، فباتوا غُفولاً عن أنهم لن يفسدوا في الأرض سوى مرتين.
وسط هذا التلاطم، تحار الفكرة في الحاضر والمستقبل وتختلط الدروب. ثم تتيه بوصلة النصح وخارطة الرشد، فتتيه تبعاً لذلك أحلام الفتية حين يروا أننا حائرون أمام هديهم وتوجيههم، بينما علينا أن نخرجهم جنودا و فرساناً ومعلمين وبناة، وأن نعي ما يحاك في الليالي ضد مشروع الأمة في الوحدة، وعلى الدولة ان تكون أكثر يقظة من كل هذا التسلل الممارس الذي ما بات خفيّا، نحو إثبات الوهم وتوكيد الزيف عبر طقوس لا تتسق والتاريخ والدين والحقيقة.
بات الحليم وسط هذا التلاطم يمشي على رأسه. هذا ما قاله المرحوم ابو رامي محمد الدباس قبل عقود طويلة. فماذا يمكن أن نقول لأفلام السياسة الكرتونية وقد مزج لاعبوها الحقيقة بالزيف، وخلطوا لبن الحق بالآسن من ماء الباطل، فصيّروه مزيجا فاسداً راكدا...
أيها الوطن المثقل، الذي كلّما حدّقت بأركانه، ثمة شهيد ومعركة وتاريخ كبير. عليك بالغضب. إذْ لا يكفي النزق سبيلا للنجاة، ولن تغنيك الدعة إذا ما الناس أحكموا الإِفْسَاد وأوثقوا التَواطؤ والخُدْعَة والمكائد.
واستذكروا، في إضاءةٍ وسط ليل نفق طويل، الراحل محمد حنيّان وقد حدّثنا أنه ومسلّم قاسم مطير أنشدوا، حين ارتفعت الشمس قيد رمح فوق تلال مثلث المصري، المنيّة ولا الدنيّة، فارتقى مسلّم قبل انتصاف النهار وبقي محمد زمنا ليس يسير، شاهداً على الكرامة، ثم تبعه راحلا كبيرا قبل اسابيع، وبقينا، كلّما ادْلَهمّت خطوب الأيّام وصروفها، نجترّ لحظات النصر وصيحاته.
حسبنا من الفضل طلائعه في نصرة العروبة وحماية الدين. كان ذلك تاريخا كبيرا. غير أنه علينا وسط هذه الفضاءات التي تتعالج فيها مصالح الدول والشعوب، أن نلتفت للبناء والاستثمار في الإنسان وتحصين الهوية وتعزيز الشعور بالإنتماء، في إطار مبادىء النهضة، في الوحدة والديمقراطيه والحرية والاستقلال.