بالوحدة الصادقة نحمي الأردن
نايف القاضي
02-08-2019 12:45 AM
ما يجري اليوم على الساحة الأردنية من تحركات ومطالب وخاصة من قبل بعض الشخصيات السياسية التي وصلت إلى مكانتها الاجتماعية والشعبية عن طريق المناصب الرسمية التي شغلتها عبر السنوات الماضية وبحكم كونها من قيادات النظام أو الحكومات السابقة والذين يتحملون المسؤولية العامة أو الجزء الأكبر منها في السابق هو أمر مؤسف وصعيب في هذه الأيام الصعبة التي يمر بها الوطن والمنطقة العربية بشكل عام.
لقد تعاقب بعضهم وليس جميعهم على كراسي الحكم دون تردد أو إدراك لمعنى المسؤولية الوطنية التي تكلّفوا القيام بها في المحافظة على مقدرات الوطن وهويته ومصالحه وأسراره والسير به إلى بر الأمان والازدهار والاستقرار وبالقدر الذي تهيأ لهم من حيث تأمين وسائل الأمن والاستقرار بعد أن أصبح الأردن بإمكاناته المحدودة ملجأ ودار أمان لكل من فقد ذلك من أبناء الدول العربية الشقيقة القريب منهم والبعيد.
اليوم نشهد موجة من التشهير والتشكيك وجلد الذات من قبل بعض الحاقدين والموتورين من الداخل والخارج، يتحركون كالدمى لا يعرفون لماذا اختاروا مواقفهم دون اعتبار لمواقف الأردن الوطنية والقومية وخاصة الثبات على الموقف وعلى المبدأ منذ ولادة القضية الفلسطينية، وإعلان الوحدة الأردنية الفلسطينية في آواخر الأربعينات من القرن الماضي وبعد أن نجح الأردن بالاحتفاظ بالقدس والضفة الغربية من فلسطين والوقوف بوجه الاطماع الصهيونية في فلسطين وفي الارض العربية.
لقد تابعت باهتمام ما يجري على الساحة الأردنية من تحركات وتصريحات وإعلان مواقف لم أعثر فيها على جذور أردنية لكنها كانت مزروعة من قبل أوانها زرعت وأينعت في ظل ما سمي بـ «الربيع العربي» أو «الخراب العربي» الدامي الذي مازلنا نشهد آثاره ونتائجه على كل ما كان عربياً أو له علاقة بالعروبة والقومية العربية وبتنا نصحو وننام في ظل خيمة لا ظل لها حبالها بالية وأوتادها تخلخلت من اساسها. وفوجئت أيضاً ببعض من كنت أظن أنهم من حماة الوطن ومن سلالات أبناء العروبة يحملون معاول الهدم والتدمير تحت شعارات الإصلاح والتغيير وبحجة القضاء على الفساد والمفسدين وهم ليسوا بعيدين عن الفساد ولا المفسدين.
لقد زارنا مبعوث الرئيس الأميركي ترمب في محاولة جديدة وبتحالف معلن مع بعض الدول الشقيقة يعرض علينا بضاعته التي كسدت منذ أن تصدينا لها بجيشنا العظيم عام 1948 ووقفنا في وجه محاولاتها الفاشلة في معركة الكرامة عام 1968 وقبلها بأشهر في معركة المؤامرة عام 1967، وسمع من قيادتنا المجيدة جُملاً واضحة مثل الشمس والتأكيد على ضرورة تحقيق السلام العادل والدائم والشامل على أساس حل الدولتين الذي يضمن قيام الدولة الفلسطينية المستقلة على خطوط الرابع من حزيران عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية ووفق مبادرة السلام العربية وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة.
ومن هنا فقد قطع الملك الشجاع الطريق على كل محاولة تستهدف حل القضية الفلسطينية على حساب الاردن سواء جاءت هذه المحاولة من صديق أو شقيق أو جاءت من عدو حاقد كان السبب الأساسي في إعاقة مسيرتنا وتحقيق وحدتنا العربية والقضاء على أحلامنا في عودة أرضنا العربية المحتلة، ووقف الشعب الأردني مع قيادته الحكيمة بثبات منقطع النظير وتحقق له من المنجزات والأهداف ما عجزت عن تحقيقها شعوب غنية بمواردها وكثيرة بعددها حتى الآن.
ومن هنا أريد التأكيد على جملة من الحقائق التي لا بد وأن نقف عليها في هذه المرحلة الصعبة من تاريخنا:
1- الأردن وطننا ونحن الذين نحميه وندافع عن أرضه وشعبه وكيانه بالوحدة الصادقة والتكاتف المتين بين كل ابنائه وكل من يقول أنا أردني.
2- نقر ونعترف بأن هناك بعض الفاسدين بيننا وهناك بعض الفساد في مؤسساتنا والفساد اليوم مرض العصر ولا يقع في ديارنا فقط بل إنه سمة العصر ولا تكاد تخلو دولة في العالم من هذا الوباء الخطير وعلينا أن لا نستسلم أو نجزع أو نخاف وأن نحاربه بالعلم والأخلاق والكفاءة وتطبيق القانون وأن نُعلِّم أولادنا حب الأردن والإيمان به والإخلاص له فليس لنا أرض غيره نعيش فيها بكرامة وليس له غيرنا يدافع عنه ويحفظ كيانه وسيادته.
3- أن يعبر الأردنيون عن إرادتهم بصدق وتجرد ودون نفاق وأن نتوقف عن نقل الإشاعات وتدويرها وأن يكون نقدنا بناء وإيجابياً مثل الذي ورثناه عن الأباء والأجداد، وأن نبتعد عن جلد الذات فللوطن هيبة وحرمة يجب أن نقف عندها ولا نتخطاها، وأن لا نستمع لمواعظ الفاشلين والحاقدين والذين كشفنا ما عندهم منذ سنين، وأن لا يعودوا بنا إلى الوراء لأن سفينتنا قد أقلعت وستصل إلى الشاطئ الأمين دون حماية من أحد غير أهلها ودون دماء أحد إلا ابنائها وجيشها الأمين.
4- الأردنيون ماضون في طريقهم إلى الأمام ولن تعيقهم صيحات المهزومين والخائفين، تجمعهم وحدة ليس مثلها وحدة ومبادئ ثابتة وموروثة واثقون بقيادتهم وبقدرات شعبهم ووطنهم، ما زالوا على العهد لا يقبلون الهزيمة ولا يرضون إلا الحياة العزيزة الكريمة.
واليوم وبعد أن انكشف الغطاء وظهر المخفي إلى العلن وتبين ما كان وما زال يدور على الساحة العربية والعالمية منذ نكبة فلسطين، وظهرت حقيقة المواقف تجاه فلسطين وشعبها المجيد، وثبت بما لا يقبل الشك أن الاتهامات التي تعرض لها الأردن عبر مسيرته التاريخية كانت أحد الأسلحة لإبعاد الأردن عن فلسطين والقضاء على تطلعات الشعبين الشقيقين.
الراي