كوشنير في المنطقة: من يشتري الوهم؟
د. زيد نوايسة
01-08-2019 01:21 AM
مرة جدیدة یعود جارید كوشنیر للمنطقة مصحوباً بالإضافة لشریكھ في إنجاز ملف التسویة جیبسون غرنبلات بكل من مبعوث الرئیس الأمیركي للملف الإیراني براین ھوك ونائبة آفي بیركوینز، وھو ما یستدعي الربط بالضرورة بتطورات الأزمة مع إیران.
الزیارة التي بدأت الأربعاء للقدس المحتلة وتشمل الأردن ومصر والسعودیة والإمارات وقطر ھي الإیذان عملیاً بالدخول في الشق السیاسي من صفقة القرن التي تنوي الولایات المتحدة الامیركیة طرحھ، كما تشیر التسریبات في مؤتمر دولي یعقد في كامب دیفید یُدعى لھ العرب المعنیون بالصراع في الشرق الأوسط یسبقھ لقاء تمھیدي في واشنطن تعرض فیھ الخطوط الرئیسة لمشروع الرئیس ترامب.
الأفكار الأساسیة ھي التي عمل على إنجازھا الثلاثي؛ صھر الرئیس جارید كوشنیر ومستشاره جبسون غرنبلات ودیفید فریدمان السفیر الأمیركي في إسرائیل بعدما طرح الشق الاقتصادي في أواخر شھر حزیران في البحرین دون وجود أي مؤشرات حقیقیة على نجاحھ، بالرغم من أن جزءاً من الزیارة قد یتضمن مقترح انشاء صندوق بقیمة خمسین ملیار دولار للتنمیة وجذب الاستثمارات في الضفة الغربیة وقطاع غزة.
یتردد أن صھر الرئیس وعراب الصفقة یحمل بطاقات الدعوة للمؤتمر الذي یرجح أن یعقد قبل الانتخابات الإسرائیلیة في أیلول والتي تعتبر مصیریة بالنسبة لمستقبل نتنیاھو السیاسي، ومجرد نجاح الإدارة الامیركیة في إنجاز انعقاد المؤتمر وبحضور عربي حتى في ظل غیاب السلطة الوطنیة الفلسطینیة ھو في المحصلة دعم لنتنیاھو أمام خصومھ في الانتخابات، خصوصا تحالف أزرق أبیض وقد یدفع ھذا التحالف لقبول فكرة الدخول في حكومة ائتلافیة مع نتنیاھو لاحقاً وھو ما تسعى لھ الإدارة الامیركیة لأنھ بخلاف وجود صیغة حكومة ائتلافیة یصعب تمریر الصفقة، خصوصا في ظل مخاطر المحاكمة والفضائح التي یواجھھا بنیامین نتنیاھو والتي قد تلقي بھ في السجن او خارج الحیاة السیاسیة.
من الواضح أن كوشنیر یرید أن یؤكد مرة أخرى وبوضوح أن تجربة حل الدولتین للصراع الفلسطیني الإسرائیلي لم تنجح، ما یتطلب من العرب والفلسطینیین التخلي عن ھذا السیاق وخصوصا المبادرة العربیة للتسویة التي أعلنت في قمة بیروت العام 2002 ،وضرورة تجربة ما یصفھ بالأفكار الخلاقة ”خارج الصندوق“ وقوامھا البدء من الأسفل إلى الأعلى بحیث یمكن حسب تصوره تحسین حیاة الفلسطینیین وجعل تلك المناطق قابلة للاستثمار وھو بذلك یرید أن ینجز سلاماً اقتصادیاً دون سیادة وطنیة للفلسطینیین وحلاً للمعضلة الإسرائیلیة الدائمة وھي توفیر الأمن دون أن تقدم تنازلات وتتخلص من اللاجئین بتوطینھم في بلدان اللجوء على أن تتكفل بعض الدول العربیة بتمویل ذلك مقابل تحجیم المخاطر الإیرانیة علیھا.
على كل حال بمعزل عن مآلات زیارة كوشنیر وھل ستُفضي إلى ما أفضت الیھ سابقاتھا فإن فرص نجاح الصفقة ما تزال غامضة، رغم تسریبات بأن ھناك قبولا رسمیا عربیا خلافا لما ھو معلن وقد یكون ھذا جزءا من حملة التضلیل الإسرائیلیة التي تسعى لتكریسھا مستغلة حالة العجز وتبدل الأولویات عربیاً، وأي مشروع تسویة لا یضمن عناصر أساسیة أھمھا حق تقریر المصیر للشعب الفلسطیني بدولة عاصمتھا القدس الشرقیة وتفكیك المستوطنات وحق العودة للاجئین الفلسطینیین لن یكون مصیره أفضل مما طرح سابقاً ولن یستطیع كوشنیر مھما بلغت حالة الضعف العربي والانقسام الفلسطیني أن یسوق الوھم على أحد.
الغد