اين الحكومة الاردنية من قضية الشيكات المرتحعة في الامارات
د.عبدالفتاح طوقان
22-10-2009 01:58 PM
اكتب هذه المقالة بعد التعليقات على موقع "عمون " الاردني عن حادثة "الاردني صاحب الشيك المرتجع في قطر و تم تهريبه عبر الحدود ؟" ، و التعليقات التى وردت و تحدث البعض فيها عن شيكات في الامارات مرتجعه و لدى الشرطة ، لاوضح بعض الحقائق التى يحاول اليعض ان يتجاهلها ، او ان يكتب مادحا سفير هنا او مستشار هناك ، و على الجميع ان يتفاعلوا مع ما يحدث لانه هناك ازمة و هناك حالات مختنقه ، و هناك تهديدات بالمنع و الحبس و الغاء الاقامة .
عموما هناك شيكات من بعض الاردنيين لدى الشرطة الاماراتية عليها ختم بنكي "عدم كفاية الرصيد " ، و في المقابل يأتي تصريح الحكومة الاردنية انها " تقف تتابع" ، اي موقف مخجل هذا و معيب ، و ما معنى المتابعه و المعرفة في نظر الحكومة ؟ ، و الكل يعلم اسباب الشيكات المرتجعة و دلائلها .
لا يوجد محتال اردني قدم شيكا بدون رصيد ، او سارق ، او متهرب ، بل الظرف هو الذي جعله "مجرما في نظر القانون " لتعثر عالمي قبل ان يتعثر هو.
ومنذ أن ضربت الازمة المالية اطنابها العالم و تاثرت بها دولا عده ، ربما كانت دبي اكثرها لانها اختارات التميز و الانفتاح الاستثماري ،و حاولت بجرأه و عقل مستقبلي ان تجعل من الامارة تموذجا يحتذى به في التطور و العقار و السياحة و النقل و القاطرات .
و لكن سيف الازمة المالية قصفها ، و اجبرها ان تتخلى عن ثلثي موظفيها ، و لم يكن هناك تعويضات او فترات معينة للاستغناء ، الذي انتشر مثل الحصبة بقعه تلوح في الجسد كله .
الاردنيون مثلهم مثل كل من عمل في دبي ، حصلوا على تسهيلات مالية من البنوك لشراء سيارة او تعليم ابناء في الخارج او لشراء مسكن في بلدهم الاصل ، او للتحويل الى اهلهم اللذين انقطعوا و عانوا نتيجة الحصار فترات متتالية على العراق و الحرب عليه و غيرها من الاسباب المشروعة ، و منها ايضا معاونة الاهل في الضفة الغربية تحت الاحتلال .
وهذه التسهيلات التى قدمتها الامارة لجذبهم اليها كانت تعطي مقابل شيك على بياض للبنك و بضمان مكان العمل و الوظيفة و التى كانت في الغالب المداخيل قادره على تسديد شهري للبنوك .
و اقصد انها كانت قروض مقابل الرواتب و الضمانات التى كفلتها شركاتهم ، وفجأة تم تسريح الموظفين ، في وقت لا تزال المدارس في فترة شتاء و الاولاد يدرسون لا مجال لنقلهم ، و في زمن كان الجميع يستمع الى اراء مسؤولي دبي بأن الافضلية في العمل لمن هو مقترض من البنوك ، و لمن هو في دبي و لمن تم الاستغناء عنه ، و لكن للاسف لم تكن تلك التصريحات الا فقاعات في الهواء.
و مع مرور الزمن وبقاء الاردنيون و غيرهم في امارة دبي ، و مع الايمان بقدرة امارة دبي على الاستمرار و الانتعاش من جديد ، و امتصاص ما حدث ، و مع التطلع الى فرص الامارة و اعلاناتها المتكررة بأنها لن تتأثر ، بقى هؤلاء الموظفين على امل ان يجدوا وظيفة و عمل من جديد ، لتسديد الاقساط و دفع الالتزامات التى لم يتأخروا يوما واحدا في دفعها في موعدها سابقا . و لكن هذا لم يحدث.
اليوم و بعد مرور اشهر ، لم تأت الفرص ، و لا يوجد اعمال ، و لا يوجد وظائف ، وبقى الاردنيون يرزحون تحت ضغط الاتصالات اليومية المتلاحقة من البنوك في الامارات , التى وظفت شركات للاتصال و متابعة المتعثرين ، و نشطت مكاتب المحاماة و الملاحقات و ختم الشيكات بعلامة "بدون رصيد " في البنوك ، و تقديم بلاغات الى شرطة دبي ، و فوق كل هذا اصدار قرار بالمنع من السفر و حجز جوازات السفر و الغاء الاقامات ...اذن كيف سيقوم المواطن الاردني بتسديد ما عليه ، علما بأن البنك يزيد يوميا عليه الفائده و المبالغ المطلوبة و دون اي تدخل من سفارة او من حكومة لايجاد حل جماعي و ليس فردي .
مذاذ سيفعل المواطن الاردني في عفش بيته ، و في اقساط مدارس ابنائه و في حياته اليومية و هو بلا وظيفة في وطنه الاصلي ، ولا حتى في مكان اقامته بالامارة ؟ ، الا يعني هذا اغلاق سبل الحياه في وجهه ، و ماذا يستفيد البنك من الغاء الاقامة ، و المنع من السفر ، و حجز جوازات السفر لدى الشرطة ، او القاء القبض عليه في المطار في حال سفره او عودته من اجازة ..
القضية ليست ما يقوم به السفيرالاردني في الامارات و ليس ما يقوم به المستشار ، انها ليست قضية عشائر و حمايل ، و ليست شخصية ، انها قضية اكبر من كل هذا ، قضية مجتمع اردني التزم بالخدمة و العمل في دولة خليجية ، و ظروفها عادت عليه فقصمت ظهره .
هو لم يقم بأعمال و يسرق اموال او يهربها ، او يتاجر بها ، هو فقط مو ظف بسيط في دائرة حكومية او شركة خاصة استدان لتحسين و ضعه المعيشي ثم اغلقت الشركات و فروعها ولم يعد بأمكانه السداد.
الحكومة المصرية مثلا تدخلت لاجل عدم انهاء عقود الاف المصريين ، و الحكومة اللبنانية نفس الشيء ، و لكن الحكومة الاردنية "صرحت " بأنها تتابع ما يجرى و على اتصال بالمسؤوليين !!! (علامة تعجب هنا ) ، و صحى النشامي .
و لا احد يعرف ماذا يعني هذا التدخل او الى اين ؟.
هذا اجراء غير مقبول لدى البعض ، لان هناك شخصيات اردنية محترمة و ذات ثقل و خبره خدمت بأمانة و شرف ، وفي ظل هذا الفزع البنكي و التهديد بالحبس و المنع من السفر و الغاء الاقامات ، قد حولت المواطن الموظف الاردن و الذي عرف عنه الشرف و الاستقامه الى مجرم و محتال و صاحب سابقه شيكات بدون رصيد .
حتى لو تم حل مشكلته ، كيف يعود و يواجهه عائلته بأنه "عليه قضية شيكات بدون رصيد" و كيف سينعكس ذلك على الصورة العامة للموظف الاردني مسقبلا ؟؟ .
تعاون البنك المركزي مع البنوك المحلية العاملة في الامارات و بتدخل من قبل الحكومة الاردنية ، من الممكن ايجاد حل . اذ لا يمكن ان يبقى المواطن الاردني في الخارج بدون عمل ، بدون جواز سفر ، بدون المقدرة على على السفر ، بدون اي مساعده ، محتجزا لحين ان يموت ، و الادهى بدون تدخل حكومي .
,و ما هو مصير من ترك الامارة و عاد الى وطنه ، هل ستقوم الحكومة الاردنية بستليمه في حال طلبه لشرطة دبي لاجل شيك مرتجع ؟ ما هو الحل و الضمان ؟
اين هو ضمير الغائب ، و الذي قال يوما "المواطن الاردني :اغلى ما نملك؟".
رحمك الله يا شيخ "زايد " .
aftoukan@hotmail.com