بانتظار قرارات صعبة قادمة .. ؟
حسين الرواشدة
30-07-2019 01:10 AM
ما هي القرارات «الصعبة» التي ينتظرها الاردنيون في الايام القادمة؟ هل تتعلق باستحقاقات صفقة القرن ام بالتغييرات المتوقعة في المواقع الادارية والسياسية المختلفة ، بالأزمة الاقتصادية وملفاتها المعقدة ام بالأمن الاجتماعي وما نشهده من تصاعد في «حالة» العنف المجتمعي؟ أم انها تتعلق بمقررات اخرى «اصعب» تشمل ما ذكرناه - آنفا - وتتجاوزه ايضا؟
لا يوجد لدي ما يلزم من معلومات للاجابة على ذلك، لكنني اعتقد اننا أمامنا مرحلة قادمة مثقلة بالاستحقاقات والتطورات، وان بلدنا يواجه مخاضات تحتاج الى مزيد من الانتباه والحذر، واذا كان بوسعنا ان نقرأ بوضوح ما يمكن ان نفعله على صعيد الاقتصاد الذي يبدو ان «برامجه» وسياسات التعامل معه لم تتغير منذ سنوات طويلة، فان «الموضوع» السياسي ما زال يشكل «تربة» خصبة للقراءات والاجتهادات والتنبؤات، لا على مستوى الشأن الداخلي فقط، وانما على مستوى ارتباطه مع الاستحقاقات والمتغيرات الاقليمية، خاصة تلك التي تتعلق بالقضية الفلسطينية، وما يثار على هامشها اليوم من «مداولات» للتسوية أو الحل( التصفية ان شئت).
ثمة كلام كثير يدور في السر والعلن حول هذا الموضوع تحديدا، لدرجة ان قراءة المشهد الداخلي برمته اصبحت «مرتبطة» بصورة ملفتة، ومبالغ فيها احيانا، بهذا الملف، كما اصبحنا جميعا امام خليط من الاشاعات والقراءات اعتقد اننا بحاجة ماسة الى «فك» كثير من الغازها، وتبديد ما طفا من اشاعات حولها ، وصولا الى ترسيم خطوط واضحة لخطاب سياسي مقنع وصريح، يضعنا امام تصورات حقيقية، ومنطق بعيد عن التخمينات، ومعالجات موضوعية تتناسب مع مصالحنا ومواقفنا وتهدف - اولا واخيرا - لحماية بلدنا ومواجهة ما يتعرض له من ضغوطات.
في هذا الاطار العام، قد يبدو كثير من التصريحات المستعجلة، والاستنتاجات غير الدقيقة، مدعاة لانتشار الاشاعات والتخمينات والهواجس ايضا، كما قد تبدو «الترتيبات» المغشوشة احيانا نوعا من الانتصار لهذا المنطق غير الواضح حتى الآن، الامر الذي يستدعي - كما قلنا - التمهل والتزام الحذر واعتماد منهج «المصارحة» كطريق لحل المسائل وازالة ما اعتراها من غموض، خاصة اذا ما تذكرنا بأن خطابنا السياسي تجاه القضية الفلسطينية، وما يطرح على هامشها من حلول له علاقة مباشرة ببلدنا، وظل على مدى العقود الماضية ملتزما بثوابت وقيم ومواقف، كانت تشكل ضمانة لاستقرارنا، ومنهجا لتعاملنا مع حقوق اخواننا هناك، ومع ما جرى من متغيرات اقليمية ودولية ( وعربية ايضا)، حاولت - وما تزال - دفع هذا الملف الكبير لمنزلقات وحلول خارج سياق مصالحنا الوطنية .
لا نريد، بالطبع، ان ندخل في التفاصيل، ولكننا نتمنى ان تتجرد تصريحاتنا وخياراتنا - سواء اكانت رسمية او شعبية - من الوقوع في مثل هذه الالتباسات، وان تتمترس حول ما ألفناه من خطاب سياسي، اكده مرارا جلالة الملك في اطار تصريحات واضحة عن موقف الاردن من صفقة القرن، ابتداء من رفض التوطين والوطن البديل ورفض التنازل عن الوصاية الهاشمية على المقدسلت الاسلامية والمسيحية، او أي «صفقات» اخرى على حساب المصالح الاردنية، وهي ثوابت يفترض ان تبقى «مرتكزا» لأي خطاب سياسي جديد.
بانتظار زيارة «كوشنير « المتوقعة، نتمنى ان نقرأ «خارطة» المشهد السياسي الجديد لبلدنا، في هذه المرحلة تحديدا، بعيون مفتوحة على ما يريده الاردنيون حقا، وما يوحد مواقفهم وخطابهم، لا على اجتهادات «نخبوية» او وفق اعتبارات وحسابات سياسية عابرة، يقتضيها منطق توزيع الادوار أو مناهج استغلال الفرص لاثبات الحضور والتأثير، فمصلحة بلدنا أهم من ذلك، والتعامل مع مثل هذه الملفات يحتاج الى استبصار رؤية الناس، واعتماد بوصلتهم ورغبتهم ومشاركتهم، وهذه لا تأتي الا وفق قنوات المصارحة والوضوح، هذه التي تقنعهم بأن «القرارات» الصعبة ليست صناعة حكومية وانما صناعة وطنية بامتياز.
الدستور