قبل الكمبيوترات وبعدها هنالك مصطلح إداري وأمني وحتى داخل المدارس هو "الإضبارة"، وهي بالنسبة للمواطن او الموظف او حتى الطالب تمثل تاريخه، وايضا يفترض انها تحدد نظرة "الكبار" الى مستقبله او على الاقل النظرة الى شخصه، وعندما كان يريد الموظف التباهي فإنه يعتمد نظافة إضبارته دليلا دامغا وله مصداقية ولا يشكك به احد.
الإضبارة ملف مثل "دوسيات" الطلاب في الامتحانات والتي تتحول في آخر يوم الى "طواقٍ"، لكن المهم ما فيها من اوراق وتقارير وتقييمات، والإضبارة تطلبها الجهات المسؤولة لتحكم على الشخص.
المواطن يتمنى، احيانا، وهو يشاهد ويعايش تجارب لأشخاص وحكومات وجهات عديدة ان تكون الإضبارة جزءا من لحظات وأدوات الاختيار، ونتحدث بلغة اخرى بأن سجل إنجازات البعض ومسارهم السلوكي في الإدارة من حيث القدرة او النزاهة يفترض ان يجعلهم على قائمة سوداء او من قائمة من لا يجب إسناد اي وظيفة لهم، لكن يبدو أنه لا احد ينظر في الأضابير بكل انواعها السياسية او الادارية ولا حتى الإضبارة الطبية!
عندما يتم البحث عن رئيس قسم، فإن الاضبارة تحضر ويتم التدقيق في كل التفاصيل، لكن المواطن يقف احيانا امام وجود اشخاص في مواقع او يتم ترشيح احدهم لموقع مفصلي ولا يجد اجابة عن سؤال باللهجة العامية "كيف جابوه؟".
أحيانا نشعر بأن كل الكلام الإداري عن التاريخ الوظيفي والسمعة الإدارية والعودة الى الإضبارة امر لا يتم في بعض المحافل الكبرى.
الغريب، أحيانا، أن بعض الاشخاص يتم اعطاؤهم فرصا ومواقع كبيرة لكنهم يفشلون في العمل، حتى في بناء سمعة طيبة، لكنهم يبقون خيارات لمواقع وفرص أكبر أو على الأقل فرص مثيلة.
وهنا يكون من حق المواطن ان يشعر بالغيظ والضيق، لأنه يفترض ان من يفشل لا يعود ومن لا يثق الناس باسمه لا يجوز ان يعطى صلاحيات في مواقع مفصلية.. ولهذا يسأل عن إضبارة هذا او ذاك، ولماذا لا تتم قراءتها، كما تتم قراءة اضبارة شخص عادي عندما يطلب عملا عاديا؟
السجل الوظيفي ضروري حتى لا تدفع الدولة والناس اثمانا باهظة لتولي اي شخص موقعا كبيرا، وهذا ليس صعبا لأن مسار اي شخص في اعماله السابقة يمكن التحري عنه. والغريب ان اشخاصا بلا سجل ناجح او احيانا، بلا قدرات تميزهم يتم تقديمهم الى أعلى المواقع لندفع جميعا الثمن، أما من السطحية او قلة الخبرة او الانشغال بالصغائر او انشغالهم بمصالحهم الخاصة، وتجيير الدولة لمزاجهم وأهوائهم.
نحن لا نتحدث عن خيال. فالأمثلة حاضرة قريبا وبعيدا، وبعضهم لم يكتف بما ترك من آثار سلبية، بل وصل الى قناعة أنه شخص مهم سياسيا وفكريا ووطنيا، وذهب به الوهم انه من نعم الله تعالى على الاردن وشعبه، وليس من مسؤولي الصدفة ولحظات الغفلة.
من أدنى حقوقنا، نحن الاردنيين، ان يتم النظر الى "إضبارة" كل شخص يتم التفكير في اعطائه مقاليد موقع مهم، ونتحدث عن الإضبارة الوظيفية وقدراته وإنجازاته، والإضبارة الاخلاقية من رغبة في الفساد والإفساد وغيرها من الأخلاقيات، والإضبارة الثالثة مدى إحساسه بمفهوم مصالح الدولة الحقيقية اي فهمه بأنه يدير مؤسسات في الدولة، وليس في سباق مع أقرانه للحصول على ثروة ونفوذ او ليستفيد من علاقات وروابط، نتمنى ان تتم قراءة إضبارة من يتم ترشيحه حتى لا نكرر دفع اثمان باهظة في كل مرحلة.
sameeh.almaitah@alghad.jo