جماعة الاخوان المسلمين في الاردن جماعة رائدة ولها تاريخها في هذا البلد ، ولا يمكن نكران تاريخها ، حتى على كل المستويات يتم الحديث عن ارث الجماعة التقليدي والراقي تجاه البلد مع الاشارة دائما الى وجود "تيار يحاول خطف الاخوان المسلمين باتجاه ما" وهو التعبير الذي تكرر مرارا في الاونة الاخيرة.
ما أود قوله للاخوان المسلمين ، محبة فيهم واحتراما لهم ان عليهم مصالحة الدولة ، وعدم الانجرار وراء أي تياراو رمز بين الاسلاميين يقود الجماعة باتجاه معركة مفتعلة او ازمة ، واذا كان للاسلاميين مآخذ على قرارات معينة تجاه الجماعة فهي لم تأت الا بعد سلسلة من الاشارات التي اطلقتها الحكومات طوال السنوات الماضية ، ومن مصلحة الاسلاميين عدم تحويل الجماعة من جماعة هادئة تؤمن بالدولة وبالقانون وبشرعية الحكم والدستور الى جماعة غاضبة دائما ، تدخل في مواجهات ، تارة جراء التباس المرجعيات وتارة جراء مماحكات شخصية من بعض الرموز تسحب كل جماعة الاخوان المسلمين خلفها الى حيث لا تحب ولا نحب.
الحدة بين الاسلاميين والحكومة على خلفية الانتخابات البلدية والنيابية لم تتولد في يوم وليلة ، بل هناك قصة طويلة نشبت بين الجانبين على مدى سنوات طويلة ، ومن مصلحة جماعة الاخوان المسلمين ان لا تتحول الجماعة المحترمة التي ربت نصف اجيال الاردنيين الى جماعة تهدد وتتوعد وتلمح الى مواجهات ، وتغرق في عقد المؤتمرات الصحفية واصدار البيانات ، اذ ان الاصل ان يراجع الاسلاميون ملف الجماعة والحزب ، ليس بهدف تحويلها الى جماعة حكومية مهادنة وضعيفة ، بل من اجل البقاء ، والدولة التي منحت الاسلاميين كل هذه المساحة سابقا لم تصحُ فجأة من غفوتها فتقرر افتراس جماعة الاخوان المسلمين وكريمتها حزب الجبهة ، بل قد تكون هناك مخالفات حساسة جعلت الافتراق والطلاق امرا لا مفر منه.
لا ابرئ الحكومات من تعسف ما في فترات ما ، غير ان رموز الاسلاميين التاريخيين يجب ان يجلسوا اليوم ليراجعوا المشهد واين يأخذ "الاسلاميون الجدد" الجماعة وتاريخها ، ومن حق الاردن على الجماعة ان تكون اردنية الهوى والقلب دون حرمانها من حقها بطرح قضايا العرب والمسلمين ، غير ان الماحات اسلامية سابقة تجاه "تداول الحكم" ولقاءات تم عقدها مع الامريكيين وغيرهم وما يقال فيها ، وما يقال ايضا في اجتماعات الاسلاميين من "ايماءات انقلابية" ثم الترابط العاطفي مع عواصم اقليمية ،
وغير ذلك من قضايا ، يجعل الدولة تتحسس بشدة ، وربما هناك معلومات لا يمكن الافصاح عنها هنا تجعل الدولة في موقع المستفز والمتوتر من الاسلاميين.
الوضع القائم حاليا بين جماعة الاخوان المسلمين والحكومة ، تتوجب مراجعته على مستوى قيادات تاريخية ، عليها ان تسأل القيادات الحالية.. الى اين تأخذ الجماعة وايضا حزب جبهة العمل الاسلامي ، واذا كان الاسلاميون يعتقدون ان الدولة هي التي بدأت بالهجوم والمضايقة ، فليس هذا لاجندة خارجية تلبيها الحكومات الاردنية ، التي بقيت تحفظ الود للاسلاميين ، بل لوجود مخالفات وتجاوزات ، قد لا تعلن امام الملأ ، رغبة من الدولة بترك مساحات للحوار ، وحتى لا تتهم الدولة بأنها تفبرك وتدعي على الاسلاميين.
نحن مع جماعة الاخوان المسلمين شرط اردنيتها اولا ، وعملها تحت مظلة الشرعية ، وان لا تتحول الى قوة ضاغظة على خاصرة الدولة لحساب اطراف اقليمية يهمها ان تدب الفوضى في الاقليم ، فلا نخلطن اذن بين الشعار العاطفي ووحدة المسلمين من جهة ، ورغبة اخرين بابتلاع الاردن ومن فيه تحت ذات العنوان ، وهو عنوان مضلل ، وهي دعوة مفتوحة للاسلاميين لتوقيف التصعيد وعدم الاستغراق في معركة يجرها اليها الاسلاميون الجدد.