لعلّ مناسبات الأفراح لدينا أصبحت من أبرز محطات الفوضى التعبيرية ، والتي أخذت مسارات خطيرة بحيث صارت منذرةً بالمخاطر الحقيقية على الأرواح والممتلكات وعلى السلم الاجتماعي بشكل عام .
فهل سيظل المجتمع رهناً للإنفلات والتجاوز على القوانين والتشريعات وثوابت المجتمع الذي كانت تحكمه أعراف إجتماعية راقية تعزز أواصر المحبة والألفة بين الناس وتشيع الطمأنينة والأمان واحترام حقوق الآخرين ولا تتعدى على خصوصياتهم ، غير ما تم إسقاطه من أنماط سلوكية رعناء للتعبير عن المشاعر بما تحمل من كل أنواع التجاوز على حق الغير المشروع عرفاً وقانوناً في حفظ الحياة والممتلكات واستخدام المرافق العامة وأن لا يتعرض للضرر والأذى غير المبرر في ممارسة أنشطته الحياتية كلها ممن لا يعرف حدود حريته في السلوك والتعبير في شؤون حياته .
وإنه من غير المقبول أن تكون لدينا حالة من التأهب والطوارئ على المستوى الرسمي والشعبي في كل مناسبة للفرح والاحتفال به ؛ تلافياً للتداعيات الخطيرة المرافقة والتي سبق وأن أدت إلى كوارث ومآسٍ وما زالت ؛ ولم تفلح كل الإجراءات التي اتخذت ولا النداءات ولا استغاثة العقلاء في الحدّ من هذه المخاطر التي تتهددنا جميعاً .
فحفلات الزواج والأعراس أو النجاحات في التحصيل العلمي والتخرج أو الانتخابات بكل أنواعها أو الفوز في المباريات والمنافسات أو عودة الغياب والمسافرين وغير ذلك من مناسبات سعيدة هي كلها من مولدات البهجة والفرح والسعادة والشكر ، وليس من العقل والمنطق أن تكون قرينة التعاسة من خلال التهور والمخاطرة والانحراف والإنفلات الذي يفضي إلى الضرر والضرار .
إن إطلاق العيارات النارية ليس ترجمة سويّة للفرح ، وسوء قيادة السيارات والمخاطرة فيها ليس ترجمة سويّة للفرح ، والتعدي على الطرق والشوارع وحقوق الناس في استخدامهم الآمن للمرافق العامة ليس ترجمةً سويّةً للفرح ، وإزعاج الناس في بيوتهم ومراكز عملهم ومزاحمتهم في خصوصيتهم ليس ترجمةً سويّةً للفرح ، وإنما من مولّدات الحقد والضغينة والعنف .
وإلى أن يتم إحداث التغيير الإيجابي الذي يقضي على هذه السلوكيات الخطيرة التي يستنكرها الجميع ويمارسها الأغلبية في مجتمعنا بالاجراءات الصارمة من أجهزة الدولة والمستندة إلى تشريعات نافذة موجودة ويمكن تشديدها، ولتأمين الناس ضد المخاطر المتكررة فلا بأس من تشريع وإجراء يتيح التأمين ضد الأفراح على أن يكون تأميناً شاملاً .