يسجل للقيادة الهاشمية بحنكتها وحكمتها وبعد نظرها ومن خلال العديد من مواقفها وتصريحاتها السامية التي اطلقتها في اكثر من مناسبة عبر مسيرتها القيادية التاريخية ، تشخيصها الدقيق للمشهد الاقليمي وما ينطوي عليه من توقعات وسيناريوهات اثبتت الايام حصولها وحدوثها في تجسيد حي للحس الاستشرافي الذي تتمتع به هذه القيادة الملهمة في تعاطيها مع الاحداث والقضايا المختلفة التي تشهدها المنطقة .. ما يشير الى اهمية الاستئناس بقراءات وتحليلات هذه المرجعية التاريخية والسياسية في التعاطي مع اجندة الاقليم الشائكة والمعقدة ، اذا ما اردنا انقاذ منطقتنا والوصول بها الى بر الامان .
ولا نجانب الصواب اذا ما قلنا بان الكثير من الكوراث والويلات والحروب التي اكتوت بها منطقة الشرق الاوسط ، ما كان لها ان تحدث لو امكن لمثيريها ومسببيها الاستماع لصوت العقل والاعتدال الذي يجسده جلالة الملك عبد الله الثاني ، والتقاط الاشارات والرسائل التحذيرية التي طالما انطوت عليها خطب جلالته وتصريحاته السامية من على منابر المنظمات والمحافل الدولية المختلفة ، التي كانت تشهد بث مضامين وتعاليم الرسالة الهاشمية في استتباب الامن والامان والسلام في دول العالم . ما يحتم على مراكز صنع القرار الدولي تحمل مسؤوليتها وادراك المعاني والمضامين العميقة التي انطوت عليها تحذيرات جلالة الملك لصحيفة هآرتس الاسرائيلية ، حول خطورة الاجراءات الاحادية والاعتداءات الاستفزازية التي تشهدها الاماكن المقدسة في القدس الشريف على يد اليمين الاسرائيلي المتطرف .. حيث حذر جلالته من التداعيات والتأثيرات الخطيرة الناجمة عن هذه الانتهاكات على استقرار المنطقة وتقويض الجهود المبذولة لاستئناف مباحثات السلام .
لذلك فلا بد من تفعيل الحراك الدولي والدبلوماسية الدولية للجم الممارسات الاستفزازية الاسرائيلية وضرورة وضع اسرائيل عند حدها بعد ان ثبت للعالم عدم جديتها بالسلام ، وهي التي ( ولدت ) ولادة غير شرعية من رحم الحروب والفتن والمؤامرات بطريقة قادت المنطقة الى الفوضى والمتاعب، ما يحتم على فواعل النظام الدولي الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي تحديدا ، الوقوف مليا عند التحذيرات ( والنصائح ) الملكية قبل ان تتفجر شرارات الاشتعال في كل انحاء العالم الاسلامي . وربما لا يسلم من حرائقها احد بغض النظر عن موقعه الجغرافي على الخريطة الدولية ، خاصة اذا ما استمرت اسرائيل بخروقاتها العدوانية وذهبت باجراءاتها الاحادية حد المساس بالاماكن المقدسة .
فقد طالب جلالة الملك اسرائيل بوقف جميع هذه الاجراءات التي تهدد الاماكن المقدسة في القدس الشريف وتستهدف تغيير هوية المدينة المقدسة، مذكرا جلالته بمدى حساسية وقدسية مدينة القدس التي ستكون شرارة الاشتعال اذا ما اختارت اسرائيل العيش بعقلية القلعة وفضلته على الحوار والاندماج في المنطقة في اطار سلام شامل يضمن حقوق جميع الاطراف .
كذلك فقد حذر جلالة الملك من ان المنطقة ستبقى رهينة الصراع والتوتر .. مضيفا " فليس لدينا بديل الا العمل على التوصل وعبر التفاوض الى حل يلبي حاجات اسرائيل الامنية ويحقق لها علاقات طبيعية في المنطقة ، ويلبي حق الفلسطينيين في الحرية والدولة " .