أجداد جونسون .. أحدهما يهودي والآخر عثماني
علي كمال بك
27-07-2019 03:34 PM
عمون - ولد بوريس جونسون في 19 يونيو/حزيران عام 1964 في مدينة نيويورك الأمريكية، لذلك كان يحمل الجنسية الأمريكية قبل أن يتنازل عنها، باسم أليكسندر بوريس ديفيفل جونسون، وقد اختار اسم بوريس للتعامل وهو الأمر الذي التزم به أفراد الأسرة والأصدقاء ثم صار الجميع ينادونه به.
وقد ولد بوريس لوالدين بريطانيين هما ستانلي وشارلوت، وكان والده يدرس درجة الماجستير في الاقتصاد الزراعي وقد عمل في البنك العالمي في واشنطن ثم طرد منه. ويقال إنه أراد أن يمازح رؤساءه بكذبة أبريل فاقترح عليهم إقراض مصر 100 مليون دولار لمساعدتها في بناء 3 أهرامات وأبو الهول من أجل مساعدتها على جذب السياح، لكن المزحة لم تعجب أحدا.
وبوريس جونسون ذو خلفيات متنوعة إنجليزية مسيحية، وتركية مسلمة، ويهودية شرق أوروبية فجد جده لأمه كان حاخاما أرثوذكسيا ليتوانيا.
لكن ملف الجد التركي بالذات له مكانه في كتب التاريخ، فما هي القصة؟
الجد التركي
يبدو أن بوريس جونسون ورث عن جده لأبيه التركي علي كمال بك أمرين هما القلم والطموح السياسي، فقد كان الجد صحفيا وشاعرا وروائيا، كما أنه كان سياسيا ليبراليا عمل على النأي ببلاده عن الشرق والتقارب مع الغرب، تماما كما يسعى جونسون للنأي ببلاده عن شرق أوروبا بينما يرنو ببصره صوب الولايات المتحدة غربا.
وربما يتفاخر بوريس جونسون بجده، لكنه بالتأكيد سيعمل على تفادي مصيره، إذ يُنظر إليه في تركيا على أنه إما خائن أو قديس. فلو كان علي كمال ورفاقه ظلوا في السلطة لكانت تركيا تحت الهيمنة البريطانية.
وكان علي كمال، نجل تاجر شموع في إسطنبول، واسمه الأصلي علي رضا. وقد قضى فترة من شبابه خارج البلاد للدراسة في العاصمة الفرنسية باريس، حيث انضم لجماعة من الشباب التركي من الطبقة المتوسطة الذين يسعون لتغيير النظام العثماني. وقد استبعدته الجماعة عندما اكشتفت قيامه سرا بكتابة رسائل للسلطان عبد الحميد الثاني، ثم تفجرت لاحقا فضيحة عندما اكتشفت صحيفة في إسطنبول أنه أرسل لها مقالات لنشرها باسمه، وهو في الحقيقة ترجمها من الصحف الفرنسية.
وبعد عودته للدولة العثمانية صار من جلساء السلطان عبد الحميد، ورئيس تحرير صحيفة كانت تعمل ضد القوة السياسية الرئيسية في البلاد حينئذ وهي جمعية الاتحاد والترقي، التي كانت لديها أغلب مقاعد مجلس المبعوثان "البرلمان العثماني" مما اضطره للمغادرة مجددا إلى فرنسا.
وبعد ثلاث سنوات، وصل حزب اتحاد الشعب للسلطة، فصدر عفو عن علي كمال بك وعاد للبلاد، ورأس تحرير صحيفة الرسالة واستأنف نشاطه السياسي. لكن قبل نهاية الحرب العالمية الأولى، استطاع مصطفى كمال أتاتورك وأنصاره السيطرة على تركيا وأعلنوا حالة الطوارئ، فهجر علي كمال السياسة وأغلق صحيفته وبدأ العمل في التجارة.
وعقب نهاية الحرب كانت قوات الحلفاء تتقدم في أنحاء تركيا، فعاد إلى السياسة، وهذه المرة كان مقربا من فيض باشا شقيقة السلطان العثماني محمد الخامس الذي تولى السلطة. وفي عهده صار علي كمال وزيرا للتعليم ثم الداخلية.
إسطنبول وأنقرة
وفي ذلك الوقت، كانت هناك حكومتان في الإمبراطورية العثمانية، الأولى في إسطنبول وهي المعترف بها دوليا لكن تحت سيطرة القوى الأجنبية، والثانية في أنقرة بقيادة أتاتورك ورفاقه.
وسرعان ما اندلعت الحرب بين قوات أتاتورك من جانب، والجيوش البريطانية والفرنسية والإيطالية والنمساوية واليونانية وحلفائهم.
وكان علي كمال بك على رأس المعسكر المطالب بالحفاظ على الملكية الدستورية تحت الإشراف البريطاني، وطالب بدولة عثمانية متعددة الثقافات والقوميات، وأدان بوضوح ما تعرض له الأرمن.
كذلك كان يطالب بتأكيد الاتفاقات التي تم التوصل لها مع الحلفاء، والتي تتمزق بمقتضاها الإمبراطورية العثمانية، وكان حجم تركيا في تلك المعاهدات أقل كثيرا مما عليه الوضع حاليا.
وخاضت القوات الوطنية بقيادة أتاتورك الحرب لمدة أربع سنوات ضد القوات الأجنبية، حتى سيطرت جغرافيا على تركيا الحالية. وفي الأشهر الأخيرة من الحرب، انهارت حكومة إسطنبول وفر أعضاؤها واحدا وراء الآخر.
وفي ذلك الوقت، اختُطف علي كمال بك من عند الحلاق، وانهال عليه مجموعة من الجنود بالهراوات والمطارق ليحطموا جسده ويلقى حتفه في 6 نوفمبر/تشرين الثاني عام 1922.
وتزوج علي كمال بك مرتين.. الأولى من وينفريد باران، وهي إنجليزية من أب سويسري. وأنجب منها عثمان وسلمى اللذان لم يريا والدهما منذ عودته لتركيا. وقد غيّر عثمان اسمه إلى ويلفريد واختار اسم جدته لأمه لقبا له - وهو جونسون - وصار إنجليزيا وتزوج بإيرين وليامز، وكان والدها بريطانيا وأمها أميرة ألمانية. وقد أنجبا ستانلي والد بوريس جونسون.
وكانت الزيجة الثانية لعلي كمال بك من صبيحة، ابنة زكي باشا أحد الوزراء العثمانيين. وأنجب ابنا حمل اسم زكي، والذي أنجب بدوره ابنا اسمه سليم، عمل بالسلك الدبلوماسي وكان سفيرا لتركيا في السويد وكوريا الجنوبية.
(بي بي سي)