اعلنت صباح هذا اليوم نتائج شهادة الثانوية العامة في الاردن . وكما كانت نتائج هذه الشهادة في السنوات السابقة تمثل نكسة للكثيرين من الطلبة وذويهم لأنخفاض نسبة النجاح ومستوى المعدلات بشكل عام مما كان يشير الى تراجع مستوى التعليم وتراجع مستوى التحصيل العلمي لطلبتنا ، فقد كانت نتائج الثانوية العامة في هذا العام اكبر كارثة يصاب بها مستوى التعليم في الاردن من حيث ارتفاع نسب النجاح بدرجة كبيرة وحصول ارتفاعات فلكية في المعدلات ، مع انه لا توجد فترة زمنية تفصل ما بين الحالة الاولى والحالة الثانية يمكن ان نفسر من خلالها بأن ما حصل هو انعكاس لارتفاع مستوى التعليم وارتفاع مستوى التحصيل العلمي عند الطلاب الى مستويات مذهلة بحيث اصبحوا يتفوقون على من اوجد تلك العلوم وطورها . مما قد يعني ان هناك تساهلاً مبالغاً فيه في مستوى الأسئلة او تساهلاً في عمليات التصحيح ومنح العلامات ، الامر الذي سيكون له انعكاسات بالغة التأثير في المستقبل القريب . اولها واهمها عدم احترام نتائج هذا الامتحان في دول العالم الخارجي وثانيها استحالة توفير مقاعد جامعية بالتخصصات المميزة لهذه الاعداد من حملة المعدلات العالية بحيث انني اتوقع ان لا يحصل على مقعد في كلية الطب بعض من معدلاتهم سبعة وتسعون وربما اكثر وما سوف يسببه ذلك من خيبات امل بالنسبة للطلبة وذويهم . كما سوف يكون له تأثيرات سلبية للكثيرين من الطلبة الذين حصلوا على معدلات عالية ولكن لم تستوعبهم قوائم التنسيق الموحد او الذين حصلوا على قبولات ولكن دون رغباتهم وتطلعاتهم بالرغم من ارتفاع معدلاتهم .

الهدف من الثانوية العامة ان يحصل كل طالب على مايستحق من علامات ضمن حدود قدراته ، ولذلك يجب ان يكون الامتحان يتناسب مع جميع مستويات الطلبة لكي يتم اظهار ا المتميزين منهم عن غيرهم ، ولأنه هذا امتحان يجب ان يحصل فيه كل طالب على مايستحقه من علامات . ولا اظن انه يوجد مستوى محترم في العالم يعطي مثل هذه العلامات المبالغة في ارتفاعها ولاعداداً كبيرة من الطلبة .
كنا في زمن الأوائل لا يحصلون فيه على معدلات تتجاوز التسعين في المائة ولكنهم في دراساتهم الجامعية في مختلف دول العالم كانوا هم المتفوقين والاكثر تميزاً .

منذ فترة من الوقت التقيت في مناسبة من المناسبات بشخص يحمل مؤهل مهندس ويعمل مدرساً في احدى الجامعات العربية وله في الاردن مجموعة كبيرة من المجمعات التجارية والمشاريع الإسكانية . وحدثني وقال لي ان ابنه الذي تخرج من الثانوية العامة من الدولة التي يعمل بها حصل على معدل ١٠٠٪؜ في الفرع العلمي ولكنه قال لي انه رفض ان يدرس ابنه اي مادة علمية وارسله لدراسة مادة نظرية معللاً ذلك بقوله انا اعرف مستوى ابني ومقدرته واعرف مدلول هذا المعدل وحقيقته في تلك الدولة . فهل نحن نسعى لنكون مثلها ؟ اليس نحن من يخصم من معدلات طلبتنا الحاصلين على شهاداتهم الثانوية من بعض الدول لعدم قناعاتنا بتعبير هذه المعدلات عن قدراتهم الحقيقية ؟

لا يمكن معالجة الصعوبات في امتحان الثانوية العامة بتقديم تسهيلات للطلبة ولغايات كسب الرضا او الشعبية ولكن برفع مستواهم العلمي من الصفوف الاولى لدراساتهم وتأهيلهم التأهيل المناسب لخوض هذا الامتحان الذي سيكون طريقهم للدراسة الجامعيه ولتخرج الجامعات اصحاب كفاءات يخدمون وطنهم وشعبهم وانفسهم وليعود مستوى التعليم في الاردن الى تميزه السابق .