حرب الناقلات وحسابات ترامب الخطيرة
د.محمد المومني
25-07-2019 12:27 AM
دخلت المواجھة مع إیران مرحلة غایة في الخطورة، عكست منحنى التوقعات بمآلاتھا. المرحلة الجدیدة جاءت بعد فتور ردود فعل الرئیس الأمیركي على توقیف الناقلات العابرة لمضیق ھرمز، في اقوى مؤشر على تباین المواقف، وربما تصدع بین الدول المواجھة لإیران. الرئیس الأمیركي یكشف عبر تغریداتھ انھ لا یرید ان یكون شرطیا لمضیق ھرمز، وان بلاده لیست بحاجة للمضیق لأنھا مكتفیة نفطیا، وان أمیركا قامت بتأمین الحمایة المكلفة لھرمز لعقود وكان المستفید مجانا دولا غنیة مسمیا أربعا منھا: الیابان، الصین، السعودیة، والامارات.
تصریحات غریبة وخطیرة، غیر منطقیة وغیر صحیحة؛ ألیس الحفاظ على اسعار نفط معقولة مصلحة أمیركیة استراتیجیة كبیرة؟ وإلا لماذا دافعت الولایات المتحدة عن امن الخلیج لعقود. ألا یفاخر الرئیس الأمیركي انھ بفضل صداقاتھ مع زعماء الخلیج جعل اسعار النفط ضمن حدود تدعم صناعات الولایات المتحدة واقتصادھا؟ ثم اذا كان الرئیس الأمیركي یرغب بمساھمة الدول التي سماھا بالجھود لحمایة المضیق، الا یجب ان یحدد من الذي سیقرر حجم ونوع المساھمة، أم أن ذلك سیترك لتقدیره؟ ثم ألا یحق لھذه الدول إذا تم التوافق على نوع مساھماتھا ان تكون جزءا من قرارات السید ترامب فیما یخص امن الخلیج؟ ام انھم سیساھمون ویمولون قراراتھ دون التدخل بھا؟
تصریحات الرئیس الأمیركي في عدم رغبتھ بلعب دور شرطي العالم لیست جدیدة فقد سبقھ إلیھا بوش الاب وكلینتون وأوباما، لكن ھؤلاء على عكس ترامب اتجھوا للتعددیة والتشاركیة في ادارة العلاقات الدولیة والنزاعات الاقلیمیة، ولیس لنزعة احادیة دولیة كالتي یبدیھا السید ترامب.
تغریدات ترامب تبعث بأربع رسائل خطیرة للعالم والاقلیم: الاولى لإیران، ان الدول المواجھة لھا غیر حازمة ومتباینة في آرائھا حول شكل وحجم وزمن المواجھة، ومن سیمولھا، بعد اتضاح رغبة أمیركا القادرة عسكریا على قیام دول اخرى بتمویل جھود حمایة المضیق. لنا ان نتخیل حجم الفرح والانتشاء بین اوساط الساسة الإیرانیین عندما قرؤوا تغریدات ترامب. ھم یجلسون ویضعون قدما على اخرى الآن بانتظار تفكك الدول المواجھة لھم.
رسالة ترامب الثانیة لدول العالم التي یقول لھا أنتم المستفیدون لذلك علیكم المساھمة دون ان یعطیھم الحق في التدخل بقراراتھ. لا یوجد دولة ستوافق على ذلك، وستلجأ الدول لترتیبات خاصة لتأمین امدادات الطاقة للإفلات من مطالب ترامب.
الرسالة الثالثة ذاتیة عن مصداقیة الرئیس الأمیركي الذي بدا متحمسا جدا في البدایة ثم تراجعت تلك الحماسة، وكأنھ یقول لحلفائھ أنا لست حلیفا یمكن الاعتماد علیھ. أما آخر رسائل تغریدات ترامب واخطرھا على الاطلاق تلك المعني بھا قادة دول الخلیج، والتي تقول لھم بوضوح اذھبوا لشراء الأسلحة من غیرنا، وابنوا جیوشكم لمواجھة إیران، ولا تنتظرونا فحساباتنا مختلفة. اي دولة مكان دول الخلیج ستقرأ رسالتھ على ھذا النحو، وستذھب للدفاع عن مصالحھا بعیدا عن حسابات الرئیس الأمیركي، وسیكلفھا ذلك مالیا اقل بكثیر مما سیكلفھا السید ترامب.
الغد