نحن لا ننفخ بالقربة «المخزوقة» لاعتقادنا أنها صالحة أو قابلة للإصلاح.. نحن ننفخ بالقربة المخزوقة على مرأى صاحبها كي يعرف أنها «منتهية» ولا بد من استبدالها..
المشكلة في مسؤولنا عندما يعتقد أن قوّته تكمن في «مصع» القرار–عدم المؤاخذة–والتعنّت في التراجع عنه دون أن يرى كم ثغرة ترك هذا القرار، وكم هزّة ارتدادية تبعته، وبدل المثال الواحد عندي العشرات من الأمثلة، واحدة منها–وليست موضوعي اليوم–عندما رفعوا رسوم الجمارك على سيارة الكهرباء متوقعين أن تزيد العائدات الجمركية من فئة هذه السيارات، والنتيجة في آخر شهرين لم تجمرك سيارة واحدة في المنطقة الحرة، الخسارة بالملايين على أصحاب السيارات، الافلاس سيضرب قطاعاً كاملاً، الدخل الجمركي «صفر»، وصاحب القرار عبقري زمانه يشرب ل?مون بنعنع..
قبل أيام قرر وزير العمل المبجّل رفع غرامة تشغيل العمالة الوافدة المخالفة إلى 40 ضعفاً.. معتقداً بذلك أنه يحمي العمالة المحلية ويحفّز الأردني العاطل عن العمل للانخراط في السوق لا سيما قطاع الإنشاءات.. وهذا القرار ينطبق على كل صاحب عمل حتى لو كانت ورشة صغيرة، مثلاً إذا قمت الآن بإحضار عامل مصري إلى منزلي ليقوم ببناء سياج أو هدم قاطع بين غرفتين دون أن أعرف إلى من يعود تصريحه وما هو تصنيف التصريح أصلاً، وحضر فريق تفتيش مكتب العمل فالغرامة التي تترتّب عليّ حوالي 8000 دينار عن الفرد الواحد، والجهل بالقانون أو بن?ع التصريح لا تعفيك من الغرامة..
وزير العمل «مصع» هذا القرار وأدار ظهره وهو في نيّته ترحيل العمالة الوافدة وترك المجال لابن البلد، نظرياً التوجه سليم وجميل، عملياً الخسارة سوف تعمّ الجميع بما فيهم ابن البلد العاطل عن العمل.. قطاع المقاولات سوف يموت بالضربة القاضية، العمال المرخّصون سيرفعون أجورهم بشكل جنوني لندرة العمالة، والمخالفون أو أصحاب العمل سيقدّمون الرشوة حتى لا يتم ضبط عمّالهم في الورش.. وبالمقابل الأردني لن يلبس «جزمة» المطاط ويقوم «بتطعيج» تنكة وتركيب يد خشب ويجلس على دوار صويلح أو وسط سوق الرمثا ملبيّاً نداء «معالي» الوزير.. ا?مسألة مرتبطة بالثقافة والإرث الاجتماعي والخيارات الأسهل، والمكاسب التي يحصل عليها ابن البلد من العمل بهذا القطاع، ناهيك عن التعوّد على الأعمال التي تحتاج إلى جهد بدني عالٍ، وقدرته على ذلك.. باختصار المسألة تحتاج إلى سنوات طوال.. وحتى يرتدي ابن البلد «جزمته» ويحمل تنكته «وينخرط بهذه القطاعات.. نكون قد «عجقنا أم الدنيا»..
هذه واحدة من الأمثلة التي يتّخذها الوزير الأردني تحت المكيّف وهو يشرب ليمون ونعنع ولا يعرف عن الذين سيأكلون «هوا» نتيجة بُعد نظره ورؤيته الشمولية حريقة الحرسي
الراي