بات في حكم المؤكد ان يخفض الفيدرالي الامريكي اسعار الفائدة نهاية هذه الشهر ايذانا بانتهاء الدورة النقدية الانكماشية وابتداء دورة نقدية جديدة هدفها تنشيط الاقتصاد واضعاف الدولار.
يخيل للبعض ان هذا التحول في السياسة النقدية سببه انصياع الفيدرالي لضغوطات ترامب وتصريحاته اللاذعة التي وصلت الى حد التهديد باقالة المحافظ.
لكن واقع الامر ان التحول يجيء انصياعا لتوقعات ورغبات الاسواق المالية التي باتت تسعّر انخفاضا في سعر الفائدة ، في الوقت الذي لم يعد فيه الفيدرالي قادرا على مخالفة توقعات الاسواق او معاكسة رغباتها، مخافة ان يؤدي ذلك الى انزلاق الاقتصاد نحو الركود.
فبعد 121 شهرا متتاليا من النمو الاقتصادي سجل خلالها الاقتصاد الامريكي اطول دورة نمو في تاريخه، بدأت المخاوف تتصاعد من احتمالية ان يكون النمو الاقتصادي قد بلغ مداه، وان يكون الركود قد امسى على الابواب بانتظار شرارة لا يريد الفيدرالي ان يشعلها بقرار يخالف توقعات الاسواق.
يدرك ترامب ان الفيدرالي لا يملك خيارا سوى مجاراة الاسواق والانصياع لرغباتها، لذا فقد عمل طوال الفترة الماضية وبشكل مكثف على تكوين قناعة لدى المستثمرين بضرورة تخفيض اسعار الفائدة. الاسواق المتعطشة للسيولة الرخيصة التقطت الطعم، فتجاهلت البيانات الايجابية وصارت منحازة تماما للارقام السلبية التي يمكن ان تبرر تخفيض الفوائد. وهكذا ارتفعت احتمالية التخفيض حتى سعرت الاسواق الاجلة 3 تخفيضات خلال هذا العام فقط.
مخطئ من يظن ان تصريحات ترامب كانت موجهة للفيدرالي بشكل مباشر. المقصود من التصريحات كانت الاسواق، والحملة الاعلامية والتصريحات المتكررة ضد الفيدرالي كانت على مبدأ "الحكي للفيدرالي واسمع يا سوق"