إشكالية المسار المهني للمعلمين وتداعياتها
فيصل تايه
23-07-2019 12:54 AM
اعتقد ان على وزارة التربية والتعليم التروي في تطبيق المسار المهني الخاص بالمعلمين والذي هو احد توصيات الاستراتيجية الوطنية لتنمية الموارد البشرية ، والذي جاء لمعالجة الكثير من المسائل والاختلالات في المسار الوظيفي الذي كان معمولاً به سابقا ، والذي لا يرتبط باداء المعلمين وتنميتهم وتحفيزهم ، وعلى الوزارة الأخذ بالاراء والمقترحات الواردة من الميدان التربوي من خلال التغذية الراجعة والملاحظات على المسار المهني الجديد بالشراكة مع نقابة المعلمين وبحث النقاط الخلافية بما يسهم في تعزيز الثقة المتبادلة.
المسار المهني للمعلمين يتكون من اربعة مسارات رئيسية هي : المسار التعليمي ، ومسار القيادة التربوية ، والمسارات الفنية والإدارية المساندة والمسارات الفنية المتخصصة، بعد إقراره رسميا وفق الطرق والتشريعات القانونية لهي مسألة هامة لانه سيعتمد في اسس الترقية في المسار الوظيفي الجديد على عوامل مختلفة تتعلق بالاداء والتنمية المهنية، ومستويات لكل منها أوزان ومتطلبات، حيث أن النظام الجديد يوفر مسارا سريعا لترفيع المعلمين في كل ثلاث سنوات خلال الخدمة، ومسارا متوسطا كل خمس سنوات، واخر بطيئا للترفيع كل سبع سنوات خدمة، في حين أن المسار المعمول به حاليا يمكن المعلم من الحصول على الترفيع كل اربع إلى خمس سنوات خدمة.
سيبدأ المعلم وفق هذا النظام بالمسار التعليمي ، بحيث يكتشف فيه المعلم ميوله ومواهبه وقدراته ليقرر بعد ذلك الذهاب لمسار القيادة التربوية أو للمسارات الفنية والإدارية الأخرى المساندة التي تشمل على سبيل المثال قيم مختبر ، أو أمين مكتبة، أو مرشد ، أو المسارات الفنية المتخصصة التي تشمل المناهج ، والاختبارات ، والتعليم ، والنشاطات ، حيث ان المعلم يستطيع في المسار السريع الحصول على الترفيع كل ثلاث سنوات خدمة، بحيث إذا ما كان متميزا ومثابرا ومجدا سينتقل من الرخصة المؤقتة ( المستوى صفر) ، الى المعلم القائد (المستوى الرابع) خلال تسع سنوات بدلا من خمس عشرة سنة كما هو في النظام الحالي مرورا بالمستوى الاول ( معلم المستجد) والمستوى الثاني( معلم ) المستوى الثالث( المعلم الخبير ).
ومن اجل توضح هذا النظام ، على وزارة التربية والتعليم ان تؤمن بطبيعة وخصوصية علاقة الشراكة ما بين الوزارة ونقابة المعلمين ، وصولاً لصيغ توافقية لخدمة القضية الأساس وهي رفعة ونهضة التعليم في الاردن ، باعتبار أن مصلحة الطالب ورفعة التعليم هدفان أساسيان ، حيث ان على الجانبين تحقيق الكثير من الإنجازات في اطار التعاون والشراكة بينهما لخدمة المعلم والعلمية التعليمية ، فقد تم سابقاً اعادة علاوة التعليم لامناء المكتبات ، واعادة مسمى مساعد المدير ، وزيادة عدد المستفيدين من قرض السكن والتعليم للمعلم من ١٠٠ الى ٢٠٠ مستفيد شهريا ، وكذلك تخفيض انصبة المعلمين من ٢٦ الى ٢٤ حصة ، ورفع مكافاة نهاية الخدمة لمشتركي صندوق الضمان الاجتماعي للعاملين في التربية من ١٣ الى ١٥ ضعف الراتب ، والتاكيد على أهمية التحول في منظومة التعليم اليوم قبل الغد ، لان العالم في سباق محموم نحو نوعية التعليم والتركيز على الطالب ونتاجات التعليم ، بعيدا عن ترف الوقت الذي لا نملكه ، بحيث نتوقع أن تكون ملامح النهضة التربوية أكثر وضوحا بعد ثلاث سنوات من الآن ، ونكون قد قطعنا شوطا كبيرا في مجال المدخلات و المخرجات في العلمية التعليمية.
ان المتتبع لمسيرة بناء المعايير المهنية في هذا المسار سيلاحظ بأنه بالضرورة تطبيق منهجيات منظمة تتميز بإشراك وسماع صوت المعلم ، إذ يجب أن تنطلق بإعداد دراسة مسحية مسبقة لمقارنة تجارب الأنظمة التعليمية الدولية في معايير الرخص او الاجازة للمعلمين مع دراسة للواقع المحلي ، ثم بناء فريق عمل كتابة المعايير تضمن خبراء ومشرفين وأساتذة جامعات ومعلمين متميزين للعمل عبر ورش عمل مركزة ومكثفة لصياغة مسودة أولية للمعايير المهنية تحُكم من قبل الخبراء وتعرض للميدان عبر ورش عمل تنفذ بمختلف المناطق التعليمية بالمملكة ، مع إجراء استطلاع رأي لآلاف المعلمين وأولياء الأمور والطلاب والمجتمع، والعمل على تطوير تلك المعايير بمشاركة لجان بوزارة التربية التعليم لتعتمد الصيغ المنصفة .
كذلك يجب ان تضمن المعايير المهنية من خلال أداء المعلم وما يحققه من فهم سليم لقواعد المهنة ومن ممارسات مهنية موثقة بأدلة يتم الحصول من خلالها على المستوى والرتبة الوظيفية التي تعكس أدائه الواقعي بصدقية ، وبالنظر إلى المعايير المهنية ، ذلك ما ستوفر فرصا لتعزيز دور وكفاءة المعلم ورفع تأهيله من خلال تحديدها للقيم والمسؤوليات المهنية والمعارف والممارسات التي يجب أن يتقنها المعلم الفاعل بالتعاون مع محاور العملية التعليمية ، والتي ترفع من جودة عمليات ومخرجات التعلم ، وتنشر ثقافة الإبداع والتطوير وتحسن من أساليب وتقنيات التدريس التي تسهم في تعميق تعلم الطلاب، كما تحسن من جودة أداء المعلم من خلال التركيز على التأمل الذاتي لأدائه وتدعم فرص النمو المهني ومواكبة المستجدات وتأصل القيم الإسلامية الوسطية والانتماء الوطني ، وتقدم التقدير لجهود المعلمين المتميزين والذي سيعزز من استمرار جهودهم في التطوير وصناعة التغيير ودعم الآخرين.
ان النقاط الخلافية يجب ان تطرح على طاولة النقاش بالسرعة الممكنة للخروج بتوصيات تتضمن التعديلات التوافقية للعمل على تجاوز أبرز التحديات والتي من اهمها هو التغيير من نظام «المستويات» التي يسير عليها الميدان التعليمي منذ عقود ، والانتقال إلى نظام المعدل وما يواكب ذلك من أساليب تقييم جديدة وإجراءات ومزايا لم تتضح جميعها للمعلمين بالشكل الذي يجب أن يوضح ، ما قد سبب تخوفاً من تطبيقه لديهم ، ولذلك فان تلك المخاوف ستزول بعد توفر المعلومات الكافية التي تساعد على فهم وإدراك الفرص القادمة للميدان، وهذا يتطلب تعاون الجهود من قبل الجهات المعنية عبر ورش العمل والقنوات المختلفة لنشر المعرفة وتوضيح الإجراءات والمزايا المستحقة لطمأنة وكسب ثقة المعلمين.
أخيراً .. فمن خلال المعايير المهنية العادلة يتم التأسيس لقواعد وطنية واضحة للتعليم، لإحداث نقلة نوعية للنظام التعليمي في القرن الـواحد والعشرين ولدعم تميز وإبداع المعلم وتقدير مكانته ودوره في تعليم أجيال المستقبل المهارات اللازمة التي تزيد من فرص نجاحهم مستقبلاً للإسهام في تنمية وريادة الوطن.
والله ولي التوفيق