كوشنر .. جولة جديدة من الفشل
فهد الخيطان
23-07-2019 12:44 AM
نهاية الشهر الحالي يتوجه مستشار الرئيس الأميركي ومهندس “صفقة القرن” جاريد كوشنر إلى الشرق الأوسط من جديد. والهدف من الزيارة وفق المتحدث باسم البيت الأبيض، وضع اللمسات الأخيرة على خطة السلام الاقتصادية، والاستعدادات لتأسيس صندوق التنمية في البحرين كما هو مرجح، والذي ستناط به مهمة الإنفاق على مشاريع السلام في المنطقة.
كوشنر وفريقه من أتباع إسرائيل في الإدارة الأميركية يتصرفون وكأن خطة السلام خاصتهم تمضي بسلام ولا يعترض طريقها سوى بعض الترتيبات الفنية والإجرائية.
فشل ورشة البحرين ومقاطعة الفلسطينيين، والسلوك المتحفظ حيالها من معظم دول المنطقة والعالم لم يعرقل خطط كوشنر. إنه وفريقه المتعجرف والمتصهين في حالة إنكار لا مثيل لها.
حاول كوشنر وغرينبلات ترويج أفكارهم للسلام في المنطقة بعد ورشة البحرين الفاشلة وكسب دعم أوساط من الرأي العام العربي، عبر سلسلة من اللقاءات مع وسائل إعلام عربية، لكن منطقهم المتعجرف والمستفز خلق مزيدا من الاحتقان والرفض في الأوساط العربية. فقد واصلا التنكر للحقوق الوطنية الفلسطينية، وعدم الاعتراف بمسؤولية دولة الاحتلال عن تشريد شعب من أرضه، وازدراء حل الدولتين كخيار يحظى بإجماع عالمي، والإصرار على المدخل الاقتصادي لتسوية اطول صراع في العالم.
غرينبلات في مقابلته اليتيمة كان أكثر تسلطا وجبروتا من كوشنر، الذي أدرك بحسه الخاص الفشل في البحرين وحاول مداراته بتصريحات تربط بين الخطة الاقتصادية والحل السياسي، لكنه مثل غرينبلات، تمسك بثوابته الصهيونية الرافضة للحق الفلسطيني.
جولة كوشنر محاولة لاستثمار الوقت الذي يفصلنا عن موعد الانتخابات الإسرائيلية في أيلول “سبتمبر” المقبل، والتي ستقرر مصير حليفهم بنيامين نتنياهو، ما إذا كان سيعود رئيسا للوزراء أم يمضي في طريقه إلى السجن بتهم الفساد التي تلاحقه.
بالنسبة لكوشنر وغرينبلات، عامل الوقت يعمل في غير صالح خطتهم الخبيثة، بعكس الجانب العربي والفلسطيني، الذي يرى اقتراب موعد الاستحقاقات الانتخابية في إسرائيل والرئاسية في أميركا سبيلا لتعطيل مشروع كوشنر. كما ان إصرار كوشنر وفريقه على عدم الإفصاح عن الشق السياسي من الخطة أو مناقشتها مع الجانب العربي، يعزز الاعتقاد بأن ما في جعبة الإدارة الأميركية من حلول سياسية للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، لا يتفق والحد الأدنى من شروط السلام العادل، وفي سياق ينم عن جهل دبلوماسي فادح، يصر رواد “صفقة القرن” على دعم هذا الاعتقاد بتصريحات استفزازية، تجعل من مجرد الجلوس مع كوشنر وغرينبلات مجرد عبث لا طائل منه، فهم لا يترددون في كل لقاء علني عن التأكيد على موقفهم الرافض لمبادرة السلام العربية وحل الدولتين، أو مناقشة قضايا مصيرية مثل اللاجئين والقدس، في رهان ساذج على ان الإغراءات المالية كفيلة بإقناع الفلسطينيين بالموافقة على خطتهم للسلام.
لن تضيف جولة كوشنر للمنطقة أي جديد أو تغير في الانطباعات المستقرة لدى قادة وشعوب المنطقة ما دام الغموض يكتنف الجانب السياسي من الخطة. ومن الصعوبة بمكان أن يجد كوشنر دولة “غنية” في الشرق الأوسط تقبل بضخ المليارات في صندوق للتنمية، قبل أن تضمن عملية دائمة ومستقرة للسلام في المنطقة ينخرط فيها الجانب الفلسطيني ويقبل بشروطها. لذلك فإن الجولة المقبلة لكوشنر مجرد حلقة جديدة بمسلسل نهايته الفشل المؤكد.
الغد