الصحفي والمؤلف والمؤرخ السياسي وهو من مواليد القدس عام 1892م أما وفاته ش1973م في رام الله
حاول المؤرخون العرب منذ القرن التاسع عشر نشر الوعي القومي من خلال إحياء الماضي وتمجيد أبطاله وانجازاته.
ويرى الباحث الفلسطيني الدكتور عدنان أبو غزالة أن "اهتمام الكتاب الفلسطينيين العرب بالتاريخ وبشكل خاص بالتاريخ المحلي والقومي قد نما في العقود الثلاثة التي أعقبت الحرب العالمية الأولى".
لم ينحصر اهتمام (العارف) كمؤرخ محلي بتاريخ المدن. في كتاب «تاريخ بئر السبع وقبائلها» وصف تاريخ القبائل العربية التي أقامت في جنوب فلسطين ... وكما هو الحال في كتابه «تاريخ القدس» فإن رغبة (العارف) بدحض المزاعم اليهودية حول صلاتهم التاريخية بفلسطين تلمس أيضاً في تناوله للقبائل. فأكد أن لفلسطين من النسب العربي الصافي أكثر من اي بلد مجاور.
يقول الأديب الفلسطيني خليل الصمادي: يعد الأستاذ عارف العارف من أشهر مؤرخي فلسطين إذ خلف عددا من الكتب القيمة التي تناولت فلسطين تاريخيا وجغرافيا واجتماعيا ونكبة، ويبدو أن المرحوم كرس جهده كله في خدمة فلسطين فجل الكتب التي كتبها عن الفردوس المفقود، وما من مؤرخ فلسطيني في هذا القرن أو في القرن السابق إلا ولعارف العارف فضل عليه، وأهم من هذه المؤلفات العديدة ترك ـ يرحمه الله ـ مواقف وطنية يفخر بها كل قارئ في سيرة الرجل فيعد بحق مجاهد اللسان والقلم.
الخلاصة إن (عارف العارف) كان مدفوعاً في كتاباته بالرغبة لدحض المزاعم اليهودية وليغذي الشعور الوطني في نفوس قرائه، ولم يأل جهداً في تعظيم الدور الذي لعبه العرب في تاريخ المدن والجماعات الفلسطينية.
لفت انتباهي مقالاته التي كانت رائدة في ذلك الوقت وما كتبه بموضوعية وشفافية في المجلة الزراعية العربية في 1تموز 1947يوم الثلاثاء فكتب بها وانقل لكم المقال كما كتبه .
يقع نظرنا في الصحف العربيّة على كلمة "نقب"، فنمرّ عنها مرّ الكرام دون أن نسأل عن معناها، ويكتفي البعض منّا بالقول إنّها تعني منطقة بئر السبع. إنّها في الحقيقة كلمة قديمة معناها الجنوب، غير أنّها كما أعتقد لا تشمل سوى الشطر الجنوبيّ الشرقيّ من قضاء بئر السبع.
أمّا البدو، فإنّهم يسمّون الطرق الوعرة والمسالك الضيّقة الّتي يجتازها المرء إذا ما أراد أن يقطع الجبال القائمة بين فلسطين وشرق الأردنّ بالنقاب، أو النقابة، ومفردها نقب. وفي استطاعة مَنْ يحتلّ أيّ نقب من هذه النقاب أن يصدّ العدوّ الّذي تحدّثه نفسه بالمجيء إليه، مهما كان عدده. وهناك إلى الشرق من منطقة بئر السبع، وفي القسم الجنوبيّ من فلسطين، ثلاثون نقبًا.
ويقع بين منطقة النقب هذه وشرقيّ الأردنّ، وادٍ عميق يسمّيه البدو وادي العربة، ويسمّونه أیضًا وادي النار، أو مجمع القيمان. إذ ما من غزوة أو حرب نشبت فيما مضى بين قبائل شرق الأردنّ وفلسطين، أو بين هذه وعربان سيناء، إلّا وكان لهذا الوادي نصيب من ضحاياها. ويبلغ طوله مئتا کیلومتر، ويمتدّ من البحر الميت في الشمال إلى خليج العقبة في الجنوب، أمّا عرضه فيتراوح بين أربعة كيلومترات واثني عشر كيلومترًا.
وممّا هو جدير بالذكر، أنّه البقعة الوحيدة الّتي لم تحتلّها دولة ذات سلطان في هذه البلاد منذ أفل من سمائها نجم الأنباط في أوائل القرن الثاني بعد الميلاد. وممّا يبعث على هذا الظنّ، أنّ الرومان أنفسهم، بعد أن قهروا الأنباط واستولوا على هذه البلاد، تحصّنوا في الجبال والمرتفعات المطلّة على وادي العربة، ولم يجوسوا خلال الوادي نفسه إلّا في فترات متقطّعة. أمّا الأتراك، فإنّي على يقين تامّ من أنّ أقدامهم لم تطأه خلال وجودهم في فلسطين.
كثيرًا ما نقرأ في الصحف أخبارًا متناقضة عن خصب أراضي النقب وإمكان تحويل تلك المنطقة القاحلة إلى جنّة غناء، وعندي أنّ هذا الزعم مبنيّ على الخيال.
فالتجارب الّتي قامت بها الحكومة في سنتي 1936 و1937 للبحث عن المياه في أنحاء مختلفة، لم تكن مشجّعة للحدّ الّذي يمكننا أن نتفاءل خيرًا. فإنّ الآبار الارتوازيّة الّتي حفرت عامئذ، وعددها واحد وعشرون، والّتي وصل عمق الحفر في بعضها إلى 357 مترًا، لم يعثر على ماء في أكثرها، والقليل الّذي وُجد فيه الماء ينقسم إلى قسمين: ماء صالح لكنّه قليل، أو ماء غزير لكنّه مرّ كالعلقم أو مالح.
يدلّك على هذا أنّ بعض المستعمرات الّتي سمعنا أنّها تأسّست في الجنوب، جُرّ الماء إليها بالأنابيب من ينابيع تبعد عنها ستّين كيلومترًا أو يزيد، وهذه عمليّة زراعيّة غير رابحة.
هذا هو عارف العارف الذي زود المكتبة العربية والاجنبية من تاريخ لا ينسى رحمه الله عليه فنحن اليوم بحاجة للكتابة هذه المادة بموضوعية لتاريخ حاضر ومستقبل .