شكرا لسوريا .. شكرا لتركيا!
أ.د.فيصل الرفوع
19-10-2009 04:28 AM
يعتبر يوم الثلاثاء 13 تشرين اول 2009 نقطة تحول استراتيجية في العلاقات العربية -التركية بشكل عام والسورية - التركية بشكل خاص. فقد احتفلت كل من الجمهورية العربية السورية والجمهورية التركية بإلغاء كافة الإجراءات الرسمية المتعلقة بتأشيرات دخول مواطني الدولتين إلى كل منهما. وبحضور أكثر من عشرين وزيرا من حكومتي البلدين والعديد من ممثلي شعبي البلدين ونوابهما ورجال الأعمال، تم في هذا اليوم الإعلان عن إنطلاقة جديدة في العلاقات السورية- التركية، بالإضافة إلى التأكيد على إستراتيجية واعدة للعلاقات بين البلدين التعاون بينهما في شتى المجالات.
يشير معظم المنصفين، إلى ان هذا الإتفاق إنجاز تاريخي، ليس لسوريا وحدها، بل للأمة العربية من تطوان الى المحمرة. ويعتبر انتصارا للدبلوماسية العربية السورية التي طالما حاولت الولايات المتحدة وغيرها تحجيمها وحصارها ووأدها وإختلاق الأعذار لإستعدائها.
وتأتي أهمية هذا الإتفاق من أهمية أطرافه الموقعين عليه، فتركيا تمثل بوابة العرب إلى أوروبا، وتشترك معهم في العقيدة والتاريخ والتراث وربما المستقبل وطموحاته. كما تمثل سوريا بوابة تركيا الى الوطن العربي، خاصة الأردن وجزيرة العرب وإلى حد ما مصر والمغرب العربي.
وفي الوقت الذي تمثل فيه تركيا عامل توازن مهم في علاقات الأمة العربية مع جيرانها، خاصة إيران وأطماعها التي ظهرت من تحت أنقاض الرماد، نجد بأن سوريا ومن ورائها الأمة العربية تمثل رصيدا استراتيجيا لتركيا في مواجهة الغرب ونظرته الإستعلائية والمتغطرسة تجاه المسلمين وعلى رأسهم تركيا نفسها.
ويجسد هذا الإتفاق رؤية الرئيس العربي السوري الدكتور بشار الأسد الإستراتيجية حول تحقيق ربط البحار الأربعة والمنسجمة مع الموقع الجغرافي والتاريخي للجيوبوليتيك-السوري-التركي، والذي بدوره ينسجم مع طموحات الشعبين، العربي السوري والتركي ورغباتهم المشتركة.
وبالرغم من تأكيد تركيا بأن هذا الإتفاق لن يكون على حساب علاقاتها التكاملية مع أوروبا، إلا ان العهد التركي العقلاني الجديد يدرك تماما بأن المؤشرات توحي بأن الحضن الدافيء لتركيا هو في الوطن العربي وليس في إستراسبورغ، وتعلم جيدا بأن الأمة العربية ترحب في علاقات أخوية ومتطورة مع تركيا المسلمة بعكس اوروبا التي تعتبر تركيا، نتيجة لإنتمائها العقيدي المسلم، خارج مواصفات ناديها.
كما لم يكن هذا الإتفاق محض صدفة أو نزوة عابرة، بل جاء بناء على إصرار كلتا الدولتين لبناء علاقات اخوية مبنية على حسن الجوار والمبادىء السامية والمشتركة للعقيدة والتراث والتاريخ والمعطيات الجيو-إستراتيجية. حيث سعت كل منهما إلى إعادة ترميم شوائب الماضي وإرهاصاته والإنطلاق الى فضاء أرحب من العلاقات السياسية والاقتصادية والثقافية . ففي الوقت الذي جاء فيه الرفض السوري المبكر لممارسات حزب العمال الكردستاني تجاه سلامة ووحدة الأراضي التركية، لأن أمن واستقرار تركيا يعتبر مصلحة عربية سورية ويعزز أمن واستقرار سوريا، جاء الرد التركي جادا تمثل بمحاولة صهر جليد مسيرة المفاوضات السورية- الإسرائيلية، حيث إستثمرت تركيا علاقاتها الإيجابية مع كل من سوريا وإسرائيل لمحاولة التوصل الى إتفاق سلام بين البلدين ينهي نتائج العدوان الصهيوني على سوريا، إلا أن الغطرسة الاسرائيلية واطماعها التوسعية وعدوانها المستمر على الأمة العربية مازال يمثل العقبة الكأداء امام سلام شامل وعادل بين الأمة العربية والدولة العبرية.
والسؤال الذي يطرح نفسه هل ستنتقل نقطة الأمل هذه في العلاقات السورية- التركية، لتشكل ثغرة أمل في جدار التمترس العربي خلف جدار القطرية والإقليمية، وونبدأ بعهد جديد لعلاقات عربية بينية مبنية على الأخوة العربية والشريعة الإسلامية والتواصل التاريخي والجغرافي، وبكل الأحول لا بد من أن نقول....شكرا لسوريا ...شكرا لتركيا.
alrfouh@hotmail.com