facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss




ماذا لو عاد «غودو»


عمر كلاب
19-10-2009 03:48 AM

تسمرّت ابصار معظم ساكني الكرة الارضية على خشبات المسارح ، بإنتظار عودته ، فما من بلد الا وحاكى مسرحها هذا النص المسرحي ، بعدّة قراءات وتجارب ابداعية ولعلها من المسرحيات او الشخصيات التي توازي شخصية "هاملت" تكرارا على المسارح الكونية.

الجميع ينتظر عود غودو ، هذا الغائب الذي طلب من الحوذي ان يسرج حصانه كي يرحل ، وعندما سأله الحوذي الى اين يا سيدي؟ اجابه بتعال شديد وبقرف واضح كما يقول النص "بعيدا عن هنا" ، مجرد رحيل ارتكبه غودو للتعبير عن غضبه او عتبه على الجوار ، ادخله التاريخ ، وحتى للدعابة فعندما تسأل عن احد ينتظر اللاعودة يقول لك: إنه ينتظر غودو ، الذي اصبح رمزا لعدم العودة.

لم يفكر احد ، او لم يكتب لنا احد ، ماذا لو عاد غودو ، كيف سيكون شكل الاستقبال لهذا الغائب الطويل ، وهل سيروي حكاياتْ مثل "دون كيشوت" عن اهوال صادفته وبطولات اعجزت خصومه؟ وفقا للمثل العربي عن الشاب الغائب؟.

ام سيكون مجرد غياب عبثي في مغارة او كهف اعده الرجل للحظات الخلوة ، وربما كان في زيارة او رحلة صيد بري ، ووقع عن فرسه واصابته حالة فقدان للذاكرة ، واستيقظ بعد حادثة مماثلة اسوة بالافلام الهندية والعربية.

سيكون لعودته وقع اظنه يوازي غيابه ، فالجميع منا سيركض نحو معرفة سر الغياب الطويل ، وكثيرون سيبثون الاشاعات عن غيبته ، كان سجينا في دولة ما وفي سجن سري ، او سجن علني ، وستفرز العقول الاف التهم والجرائم التي ارتكبها غودو في تلك الدولة ، وسيرسم بعض الرواة الحاذقين سيناريوهات للجرائم التي ارتكبها غودو ، وسيحيطون تلك القصص بهالات تليق بحجم الغياب.

غياب غودو افرز حالة تساؤل ابداعية يحيطها القلق والغموض ، مثل كل ابطال الاساطير ، وافرز مسرحا جميلا انتج من الغياب حالة وعي بالحاضر ، لكن هل عودة غودو ستكون منتجة مثل غيابه ، سؤال برسم القلق؟.

فالغياب فيه هالة من الغموض التي يقبل عليها العقل البشري بنهمْ ، على عكس الحضور المحكوم بالمشاهدة المحكومة بدورها بفكرة "تسمع بالمعيدي خير من ان تراه".

واخشى من عودة غودو ان ينطبق عليه المثل الساحر السابق وتصبح شخصية غودو من ملهمة للابداع الى مدعاة للتندر والسخرية ويندم كثيرون على هذا الانتظار المجاني ، لشخصية لا تستحق التوقف وليس الانتظار.

نقرأ غياب غودو ونبني عليه ولاجله الاف الروائع ونخشى من عودته فثمة كثيرون كانت فضيلتهم الوحيدة هي غيابهم فقط ، بعد ان شكّل حضورهم في حياتنا ندبا لن يدملها الزمن ولن تفلح مشارط اطباء التجميل في ازالتها ، وداعا غودو ايها الحاضر في غيابك ، في زمن لم يترك الحاضرون فيه ما يستحق الذكرى.

omarkallab@yahoo.com





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :